صواب يحتمل الخطأ؟

لا يختلف الكثير من الناس أننا بحمد الله نعيش رخاء دينيا كبيرا، ونرفل في ثوب من الأمن والأمان نحمده لله ونشكره لكل من صنعه وساهم فيه، وإن كان هذا من البداهة بمكان فنحن مجتمع مسلم بالفطرة والتاريخ والحاضر والمستقبل، وقد تعلمنا أنه لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها وهو التمسك بالدين والتعلق به والرضا بكل ما فيه من تعاليم وقيم ومضامين وإنه من معالم الإسلام الواضحة أنه دين يتأسس على السماحة لا التشدد والوسطية لا التطرف ولا التطفيف والحق لا الباطل والقوة لا الضعف والعلم لا الجهل.

 

وقد شهدت بلاد موريتانيا في العقود الأربعة الأخيرة في مراحل مختلفة بزوغ صحوة راشدة جسمها الأكبر مدارس إصلاحية مختلفة المشارب متباينة التصورات متفقة الهدف عموما إن قبلت ذلك، شكلت مجتمعة بقصد أو بغيره لافتة لمريدي الالتزام والتدين على اختلافها في البساطة في الطرح والشدة في الشرح والشمول في المنهج أو على جزئيتها في الاهتمام وحدتها في الخطاب ومواجهتها للتغيير صنع هذه الصحوة إضافة لهذه المدارس  بعض العلماء وشيوخ المحاظر الذين كانوا خارج هذه المدارس شكلا لكنهم فيها رسالة ومضمونا فقد ساهموا كثيرا حيث جمعوا العلم والدعوة ومارسوا الفتيا والتبليغ.

 

يضاف لهؤلاء العلماء أيضا قرناؤهم من أرباب السلوك وأصحاب التربية الروحية مع وجود جمهور غفير من ذوي الفطرة السليمة والعقل المتزن، فأثمرت هذه الجهود نبتة مباركة غيرت العقليات البائدة وعززت القيم النافعة والأخلاق الفاضلة وبنت على الموروث النافع وجاءت بالجديد الصالح وأوضحت العبادة والعمارة وهذبت النفوس ورغبت في الآخرة وعرضت الدنيا على حقيقتها فكانت فرجا على الجميع ومخرجا إلى ما هو صالح نافع.

 

تعرضت هذه المدارس أو جلها لمحن وابتلاءات وهذا من سنن التدافع وقواعد الابتلاء ولوازم الإصلاح تجاوز تلك المحن الجميع بالسلامة والأمان.

 

ومع مطلع العقد الأخير من هذه العقود الأربعة شاب هذه الصحوة ظهور شرارة صغيرة الحجم كبيرة الجرم تسمى التشدد والغلو تبدأ بالتكفير وتنتهي بالتفجير لها قلب هو الفقر ولسان هو الجهل ويد هي القتل وجوارح هي تاريخ من الفسوق والضياع ونسبة من العمالة للغرب المحارب وعاطفة بريئة خذلها نقص العلم وغياب التوازن وبقية الجسم تنحو هذا النحو

 

عرفت هذه الشرارة رواجا قليلا سريعا ثم قضي عليها بعوامل التضييق والرفض.

 

ثم جاءت بعدها نبتة مسمومة تخالط المجتمع وتمتزج به دون أن تحدث انتباها مبالغا فيه حتى الآن، إنها نبتة التساهل الذي بيدأ بالميوعة وينتهي بالإلحاد، وهذه لضعف فيها تسير ببطإ ولكنها تحتاج لرفض وتضييق من الجميع.

 

يبقى العلاج الأمثل دائما هو التمسك بالدين كاملا شاملا صحيحا وسطا واضحا متدرجا يبني ولا يهدم يؤلف ولا يفرق ويجمع ولا يشتت ويحاور ولا ينغلق.

 

كتبه أحمد الوافي

 

16 March 2023