أشياء ميزت رئاسيات 2024
في موسم انتخابي عالمي، وتغير في موازين القوة الدولية، وإعادة تشكل للعالم واحتدام في الاستقطاب، وحساسية بالغة للأمة الإسلامية والعربية التي تواجه كل دولة منها مصيرها منفردة دون تعاضد وتراحم، وفي جو من الاضطراب المحلي وفي المحيط القريب للدولة الموريتانية، وصراع عالمي من أجل القضية الفلسطينية، أقيمت رئاسيات موريتانيا 2024 وتميزت بعدة أشياء.
التحسن في الخطاب
تميزت الحملة الرئاسية وما قبلها بتحسن ملحوظ في الخطاب ظهر على شكل تنافس من أجل خدمة الوطن وإنقاذ البلد وبنائه، وعلى شكل خطاب إصلاحي مشترك يناقش المشاكل والاختلالات ويقدم الحلول والعلاجات، يقيم الأوضاع والمستويات، ويقدم الأهداف والخطط والرؤى والطموحات بعيدا عن الخطاب العنصري وخطابات التطرف والتشهير والتخوين والاتهام والتحريض.
كان طابعا حسنا في خطاب جميع المرشحين وحتى الذين لم يشاركوا في السباق الرئاسي، لم يكن الفضل في ذلك للنظام وحده ولا للمعارضة وحسب، بل إن مستوى وعي الشعب الذي تحسن بشكل كبير فرض ذلك.
حضور الشباب
لقد تميزت الانتخابات المنصرمة عن سابقاتها بحضور ملفت للشباب ظهر في اهتمام المرشحين وأولوياتهم في خطاباتهم وبرامجهم بل وكان مجسدا في بعض المرشحين الشباب، وهو أمر طبيعي فموريتانيا دولة شابة ديموغرافيا، والشباب عانى كثيرا من التهميش خلال المأمورية المنصرمة، وتضرر من رفع سن التقاعد، وعانى من البطالة والهجرة خلال الأعوام الماضية، وقد ازداد وعيه بواقعه وواقع دولته بشكل كبير، وهذا ما جعل الشباب يفرض نفسه في المشهد.
حضور الإسلاميين
لقد دخل الإسلاميون الرئاسيات دخولا قويا من خلال حزبهم ومرشحه، وسيطروا على المشهد، فقد كان جميع المرشحين بين مرشح من حزبهم ومحسوب عليهم، ومن له صداقات معهم، ومن تدعمه شخصيات كبرى منهم، ومن له داعمين منهم، وهو أمر طبيعي كذلك، فموريتانيا جمهورية إسلامية أولا، والإسلاميون قد نجحت سياستهم وازدهرت بشكل كبير، والقضية الفلسطينية كذلك نبهت الكثيرين، وكل ذلك جعل الخلفية الإسلامية تطبع الجميع، وجعل الإسلاميين يفرضون أنفسهم.
حضور المختار
لقد تميزت هذه الانتخابات بحضور الرئيس المؤسس المختار ولد داداه في الأذهان، فبين مرشح يذكره في مؤتمر ألاكـ، وآخر يحن إلى مدرسته، وثالث يحن إلى إدارته والعلم والنشيد الأولين للجمهورية، يمكن القول إن جميع المرشحين كانوا يعتبرون المختار ولد داداه مرجعية لهم، وهذا ما يعكس نضج السياسة الموريتانية، أو يمكن القول إن الدولة بدأت تأخذ الأمور بجدية.
التغطية المتميزة
لقد تميزت هذه الانتخابات بتغطية رائعة، كما كان الجميع يريد من خلال المؤسسات الرسمية التي غطت الحملة وعملية التصويت والفرز بشكل مباشر ومحايد، والمؤسسات المستقلة التي غطت مضمون الانتخابات، ومضمون الحملة، وخطابات المرشحين، ومضمون برامجهم بمهنية عالية عكس ذلك تطور الاعلام الموريتاني وارتقاء مكانته العالمية في الحرية والمهنية.
ميلاد الشفافية
اعتادت موريتانيا على عمليات تزوير تشوبها بعض الانتخابات، لكن هذه المرة كانت فقط انتخابات شابها القليل، فعلى الرغم من أن بعض المرشحين دعوا للتظاهر والاحتجاج، وآخرين نبهوا على خروقات، وآخرين قالوا إن التزوير هذه المرة كان تزوير للإرادة من خلال بعض شراء الذمم، وقليل من الابتزاز، والبعض الذي يرى أن الانتخابات لم تعكس إرادة الشعب إلا انها كانت انتخابات مشهودة، كما كان الجميع يريد، ولم تكن انتخابات مزورة، وحظيت بشيء من الشفافية والنزاهة، واعترف بذلك الجميع.
لقد كانت رئاسيات 2024 انتخابات استثنائية شفافة ونزيهة ومشهودة، قامت اللجنة المستقلة للانتخابات فيها بجهود جبارة، وأشاد بها المراقبون الدوليون، وتميزت بتغطية إعلامية مميزة ومهنية، وكان الرئيس المختار ولد داداه حاضرا كمرجعية فيها، وكان الإسلاميون قوة سياسية غالبة عليها، وكان الشباب محركا وقوة صاعدة تطبعها، وكان التحسن في الخطاب طابعا يميزها.