قراءات سريعة في خطاب افتتاح الحملة الانتخابية (11)
"لا تراجع عن السياسة الاجتماعية، التي تعطي الأولوية للمواطنين الأقل دخلا، ولا تراجع عن المدرسة الجمهورية، فقناعتنا أن هذا المشروع هو الطريق الأمثل إلى تجاوز كل الاختلالات المجتمعية."
المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب افتتاح الحملة (نواكشوط 14 يونيو 2024).
لقد قرر المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني أن يجعل من التمكين للشباب ومحاربة الفساد أهم ركيزتين في برنامجه الانتخابي، وفي خطابات الحملة في كل محطاتها، وهو محقٌ في ذلك، فلا شيء أكثر أولوية وأشد إلحاحا في المأمورية القادمة من محاربة الفساد والتمكين للشباب.
لقد وُفق المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني في اختيار هذين الملفين ليكونا هما العنوانان البارزان في حملته الانتخابية، ولكن ذلك لا يعني ـ بأي حال من الأحوال ـ أن المرشح غزواني تجاهل أو سيتجاهل في مأموريته القادمة ملفات أخرى لا تقل أهمية.
في خطاب افتتاح الحملة أكد المرشح أنه لا تراجع عن الاهتمام بالفئات الهشة، ومن المعروف أن الاهتمام بهذه الفئات كان من بين أبرز العناوين العريضة في المأمورية المنتهية، كما كانت المدرسة الجمهورية والوحدة الوطنية والتهدئة السياسية من بين العناوين البارزة في تلك المأمورية.
لا تراجع عن تلك الملفات الكبيرة والمهمة والتي تم فتحها خلال المأمورية المنتهية، فلا تراجع عن المدرسة الجمهورية، والاهتمام بالمدرسة الجمهورية، هو أولا وقبل أي شيء آخر اهتمام بالشباب، فالاهتمام بالشباب يبدأ بطبيعة الحال بالاهتمام بالتعليم.
ولا تراجع كذلك عن الاهتمام بالفئات الهشة في المأمورية القادمة، فجعل المأمورية القادمة مأمورية للشباب لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الفئات الهشة، أو التوقف عن التحسين من أوضاع المتقاعدين، والذين وجدوا من الرئيس غزواني اهتماما غير مسبوق خلال مأموريته المنتهية.
ولا تراجع كذلك عن ملف الوحدة الوطنية، فمضامين خطاب وادان ونداء جَوَل، ستبقى سارية المفعول خلال المأمورية القادمة إن شاء الله، ففي جَوَل كانت الدعوة لاستغلال تنوعنا الثقافي بما يخدم بلدنا، وفي وادان كانت الدعوة إلى تجاوز رواسب الماضي، والتي لم تعد تصلح للحاضر، وتتناقض ـ وبشكل صريح ـ مع بناء دولة القانون والمؤسسات.
ثم إنه لا تراجع عن التهدئة السياسية، ويكفي لتأكيد ذلك أن المرشح وخلال حملتين انتخابيتين رئاسيتين (2019 و2024) ظل يُصرُّ دائما على تجنب انتقاد منافسيه، وعلى حث طواقم حملته على أن يبتعدوا عن كل ما يمكن أن يصنف على أنه إساءة أو انتقاص من المنافسين، حتى في تلك الأوقات التي كان يعتقد فيها الكثيرون أن المرشح سيخرج عن نهجه المعروف ردا على أحداث الشغب التي عرفتها مدينة نواذيبو، والتي كان من المفترض أن يدينها كل المترشحين، بل وكان من المفترض أن يوجهوا بمناسبة حدوثها نداءات إلى مناصريهم بتجنب العنف، حتى في مثل تلك الأوقات فقد تجنب المرشح غزواني أن يتحدث عن منافسيه بلغة غير لغته المهذبة التي عُرف بها منذ وصوله إلى السلطة، بل أكثر من ذلك فقد أبعد عن منافسيه وداعميهم أي شبهة، وأي علاقة بتلك الأحداث، وستبقى تلك هي قناعته ما لم تثبت التحقيقات الجارية عكس ذلك.
طبعا لم يفت المرشح غزواني أن يتحدث في مقطع آخر خلال تعليقه على تلك الأحداث بنبرة حازمة وصارمة وقوية، وذلك بصفته رئيسا للجمهورية، مسؤولا عن أمن المواطنين كل المواطنين، وهو ما يفرض عليه أن يرد بقوة وحزم على كل من يُحاول المساس بأمن المواطنين، أو تعكير أجواء السكينة العامة.
في المجمل، يُمكن القول، بأن البرنامج الانتخابي للمرشح محمد ولد الشيخ الغزواني هو برنامج شامل ومتكامل لم يترك مجالا إلا وذكره، وهو بالإضافة إلى ذلك برنامج واضح وواقعي، وقابل للتنفيذ، وهذه المسألة الأخيرة في غاية الأهمية، فكثير من البرامج الانتخابية، إن جاز وصفها بالبرامج الانتخابية، تضمنت وعودا ضبابية، والتزامات خيالية، لن يستطيع مطلقوها أن يوفوا بها إن هم فازوا في انتخابات تقول كل المؤشرات بأنهم لن يقتربوا من الفوز فيها.
ويكفي لتبيان واقعية برنامج المرشح محمد ولد الشيخ الغزواني التذكير بما قال في مهرجان مدينة لعيون، فقد قال في هذا المهرجان : " أنا ممن يفكر قبل أن يُعطي التزاما، وينظر أين ستصل وعوده. نحن نحترم شعبنا ونريد أصواته، لكن بالصدق والوضوح والمسؤولية والوفاء بالالتزام."
غزواني الخيار الآمن لمستقبل واعد.
#منتدى24_29
حفظ الله موريتانيا..
محمد الأمين الفاضل
Elvadel@gmail.com