مسؤول مغربي: مستعدون لاحتمال حرائق غابات هذا الصيف

أكد مسؤول مغربي اتخاذ المملكة الإجراءات والاستعدادات اللازمة لمواجهة حرائق غابات محتملة هذا الصيف الذي يشهد ارتفاعا مقلقا في درجات الحرارة، بما يشمل إعداد خرائط تنبؤ بالمناطق المعرضة لحرائق الغابات.

وفي مايو/ أيار الماضي، توقعت الوكالة المغربية للمياه والغابات (حكومية) "تزايد خطر" نشوب حرائق في غابات المملكة صيف العام الجاري، نظرا لظاهرة لجفاف التي تضرب البلاد للعام السادس على التوالي، وموجات الحرارة الطويلة المسجلة.

ولفتت الوكالة، في بيان آنذاك، إلى أن غابات المغرب التي تغطي نحو 12 بالمئة من مساحة البلاد، شهدت خلال العام الماضي 466 حريقا أتت على 6 آلاف و426 هكتارا (الهكتار يعادل 10 آلاف متر مربع) من مساحة تلك الغابات.

وفي 2022، سجل المغرب نحو 500 حريق اجتاحت أزيد من 22 ألف هكتار من غاباته، وكانت جهة الشمال في مقدمة المناطق المتضررة من تلك الحرائق بعدد 182 حريقا أتت على 1620 هكتارا، وفق الوكالة‪.

 

** خرائط تنبؤ

وقال مدير التشجير وتدبير المخاطر المناخية والبيئية في الوكالة المغربية للمياه والغابات فؤاد عسالي: "مستعدون لمواجهة حرائق الغابات في صيف 2024، واتخذنا جميع الإجراءات اللازمة".

وتحدث عسالي للأناضول، عن جانب من تفاصيل هذه الاستعدادات بما يشمل قيام الوكالة بشكل دوري بنشر خرائط تنبؤ تحدد بدقة المناطق المعرضة بشكل أكبر لخطر اندلاع حرائق الغابات.

ووفق أحدث خريطة من هذا النوع، صدرت في مايو الماضي، تم تحديد الأقاليم بالمغرب حسب درجة خطورة تعرضها لحرائق الغابات.

في هذه الخريطة، ضمت أقاليم "المستوى الأحمر" التي تواجه "خطورة قصوى" من حرائق الغابات، كلا من طنجة، وأصيلا، وفحص أنجرة والحسيمة والناضور (أقصى الشمال)، وخنيفرة وبني ملال (شمال)، ووجدة أنكاد وتاوريرت وتازة (شرق).

فيما ضمت أقاليم "المستوى البرتقالي" التي تواجه "خطورة مرتفعة"، كلا من العرائش وشفشاون ووزان وصفرو (شمال)، وتارودانت (وسط)، والدريوش والرباط والصخيرات وتمارة وسلا والقنيطرة (غرب).

أما أقاليم "المستوى الأصفر" التي تواجه "خطورة متوسطة" فتشمل كلا من تطوان ومضيق فنيدق (أقصى الشمال)، وأكادير إداوتنان (وسط).

وعن كيفية إعداد تلك الخرائط، أوضح عسالي أن الأمر تقني في الأساس، ويقوم على إدخال معطيات محددة في نظام معلوماتي، الذي بدوره يبين بدقة "المناطق المهددة بخطر حرائق الغابات"، حيث تُصنف درجة خطورتها وفق 3 مستويات.

ولفت المسؤول المغربي إلى أن هذه المعطيات تشمل "بيانات الحرائق التي شهدتها مختلف مناطق المملكة خلال الـ25 عامًا الماضية، والتي تكشف بشكل دقيق عن المناطق الأكثر عرضة لانتشار ونشوب الحرائق".

وأضاف أنهم "يستعينون، كذلك، بالمعطيات الطبوغرافية لمناطق المملكة، ومعطيات المناخ، بما يشمل عدة مؤشرات مثل سرعة الرياح وتوقيتات هبوبها بقوة".

وذكر أن نوعية الأشجار داخل الغابات تُؤخذ بالحسبان أيضًا، فـ"الحريق الذي ينشب في أشجار الصنوبر يختلف عن الحريقٍ الذي يشتعل في أشجار البلوط الفليني، لأن لكل نوع من الأشجار قابلية مختلفة للاشتعال وسرعة متفاوتة في انتشار النار".

وتابع أن "كل هذه المعطيات يتم إدخالها إلى نظام معلوماتي، والذي يبين وفق أسس علمية المناطق الأكثر عرضة لخطر اندلاع حرائق وكيفية انتشارها".

وخلص عسالي إلى أن "تجميع هذه المعطيات وتحليلها، يسمح للمسؤولين بالتعامل بيقظة قصوى مع أي حريق، حيث نظل قريبين من الغابة بهدف التدخل بسرعة عند بداية اشتعال أي حريق".

 

** إجراءات وقائية

وفي ظل التحذيرات من تصاعد حرائق الغابات هذا الصيف، اتخذت الحكومة المغربية، مؤخرا، جملة من الإجراءات الوقائية والتقنية لمكافحة تلك الحرائق، والتي تهدف إلى التخفيف من حدّة الخطر وتقليل الأضرار المحتملة.

شمل ذلك إعلان الوكالة المغربية للمياه والغابات، الشهر الماضي، تخصيص ميزانية تبلغ 153 مليون درهم (15.3 مليون دولار) من أجل توفير التجهيزات والوسائل الكفيلة للحد من اندلاع الحرائق.

هذه الميزانية، وفق المصدر ذاته، سيتم استخدامها في شراء سيارات إطفاء جديدة، وتكثيف دوريات المراقبة الأرضية والجوية للرصد المُبكر لأي بوادر حريق، وصيانة أبراج المراقبة الموجودة في الغابات لضمان مراقبة فعالة للمنطقة.

إضافة إلى تجهيز نقاط الحصول على المياه اللازمة لعمليات الإطفاء، وفتح وصيانة الطرق داخل الغابات لتسهيل وصول فرق الإطفاء إلى مواقع الحرائق، وصيانة مصدات النار بالغابات، وهي عبارة عن مناطق تم إزالة المواد القابلة للاشتعال منها لمنع انتشار حرائق الغابات.

إلى جانب التجهيزات الفنية وتكثيف المراقبة، أجرت السلطات تدريبات لفرق الإطفاء لتعزيز قدراتها على مواجهة حرائق الغابات.

ففي مايو، نفذت الوكالة المغربية للمياه والغابات محاكاة لعملية تدخل لإخماد حريق في غابات مدينة القنيطرة (شمال غرب)، بهدف تعزيز استعداد السلطات لمكافحة الحرائق.

كذلك واصل المغرب خلال الأشهر الأخيرة تعزيز أسطوله من طائرات كاندير، المتخصصة في إطفاء الحرائق، ليرتفع إلى 8 طائرات.

الجهود المغربية والاستعدادات لمواجهة الحرائق لم تتوقف عن هذا الحدد.

إذ تنفذ الوكالة المغربية للمياه والغابات حملات توعوية سواء ميدانية أو عبر الإعلام الحكومي لرفع مستوى وعي المواطنين بكيفية التصرف عن اندلاع حرائق الغابات، أو سبل الحد من اندلاعها، إذ إنها قد تقع أحيانا جراء أخطاء بشرية.

إلى جانب ما سبق، يعمل المغرب على تعزيز التنسيق بين مختلف الجهات المعنية بمكافحة حرائق الغابات، بما في ذلك الحكومة والجيش وأجهزة الدفاع المدني.

 

** التعامل بحزم

من جانبه، حذر الخبير البيئي المغربي جلال المعطى، من ازدياد خطورة ارتفاع درجات الحرارة في المملكة، خاصة مع تفاقم حدة موجات الحر خلال الخمسين سنة الأخيرة.

وأوضح المعطى، في حديثه مع الأناضول، أن ارتفاع درجات الحرارة ناتج عن ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، ما يُؤدي إلى تفاقم ظاهرة الجفاف من جهة، وازدياد مخاطر الفيضانات من جهة أخرى.

وشدد على أن هذه الظواهر تمثل دليلا قاطعا على أن التغيرات المناخية في المغرب "باتت واقعًا لا مفر منه، ويجب اتخاذ خطوات جدية للتعامل معها".

وأشار في هذا الصدد إلى أن المغرب شهد خلال السنتين الماضيتين موجات حر قاسية، حيث وصلت درجات الحرارة في بعض المناطق إلى 50 درجة مئوية.

وتوقع الخبير المغربي أن تشهد المملكة صيفا حارا آخر مشابها للسنوات الأربع الماضية ما قد يُؤدي إلى ازدياد مخاطر حرائق الغابات.

ولفت إلى أن ارتفاع درجات الحرارة يعد عاملا مباشرا أو غير مباشر لعدد من الظواهر الخطيرة، مثل حرائق الغابات، ما يتطلب من المغرب "اتخاذ خطوات حازمة للتعامل مع هذه التحديات، وإدارة الموارد المائية بشكل مُعقلن".

 

15 June 2024