مرشح رئاسي يكتب: تجديد موريتانيا، طموح في متناول أصواتكم

البروفسير أوتوما سوماري - مرشح رئاسي

بِسْمِ ٱللَّٰهِ ٱلرَّحْمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ

 

والصلاة والسلام على أشرف المرسلين

 

أعزائي المواطنين،

أيها الإخوة والأخوات،

 أتشرف اليوم بالوقوف أمامكم لأعرض عليكم رؤية واضحة وجريئة لمستقبلنا المشترك. رؤية ستضيء دربنا، وبشكل أصيل مبتكر، طيلة السنوات الخمس القادمة، بل طيلة السنوات الخمس التي تليها. كل ذلك بعد حصولنا على ثقتكم في الاستحقاق الرئاسي القادم.

 

وكما ترون، فإن ترتيبي في بطاقة التصويت هو الرقم أربعة (4). ولتسمحوا لي هنا، بعيدا من كل أصناف الطِّيَرَة والمعتقدات الخرافية، أن أعطي لهذا الرقم شحنة رمزية، مقدما بين يديكم تشخيصا رباعيا وحلا رباعيا، سأسهر - بعون الله، ثم بدعمكم - على تطبيقه تطبيقا عادلا حازما.

 

أولا: حالة الإفلاس

1. ها هي الدولة، بعد تخليها الصارخ عن أبرز مهامها، تستسلم لأشكال وحواضن سلطوية بالية جعلتها في حالة من الضعف تثير شفقة الجميع. إن القوى المتهالكة والمتخلفة التي ترمز للماضي السحيق تعيدنا إلى الوراء وتعيق مسيرتنا نحو الحداثة وتجعل بعضنا في مواجهة البعض. ولم تكن المواجهة العنيفة، والدموية أحيانا، بين الطبقات المكونة لمجتمع السونينكي في كيدي ماغا، وكذلك الاشتباكات القبلية الأخيرة في منطقة الترارزة، إلا دليلا دامغا ومؤشرا متقدما من مؤشرات الانهيار.

 

2. تُصنف بلادنا على قائمة الدول الأقل ثراء في العالم. والأرقام تشهد بوضوح، وببلاغة مثيرة، على ما يلي:

- %30 من السكان يقبعون تحت خط الفقر. والبطالة منتشرة في صفوف الشباب ومستفحلة، ومعدل الحصول على الخدمات الأساسية الشاملة، من صحة وماء وكهرباء ومدارس، يعد من أدنى المعدلات، كما هو واضح في التقارير المختصة المتكررة.

 

- فعلى سبيل المثال، تسير 83% من نساء الريف الموريتانيات نحو 30 كيلومترا قبل أن يصلن إلى أقرب مستشفى. كل ذلك ما يزخر به باطن أرضنا من معادن كثيرة وثمينة، كالحديد، والنحاس، والذهب، واليورانيوم، والفوسفات… وشواطئنا غنية بأجود الموارد السمكية.

 

- ورغم أشعة الشمس الساطعة أغلب الوقت على أرضنا، وتيارات الريح القوية، ما تزال بلادنا تعاني من نقص حاد في الطاقة المتاحة للمواطن العادي. والأسوأ من ذلك، أنه على الرغم من إمدادات المياه الكبرى، والتربة الجيدة، ما زال الكثير من أراضينا الصالحة للزراعة غير مستغَل.

 

3. لا يقل نظامنا التعليمي مفارقة عن ما سواه. فالمكون الرئيس لهذا النظام، والمتمثل في التعليم الأساسي، يُكرس الحرمان، بينما يقتصر دور التعليم العالي على تخريج أمواج كبيرة من الشباب العاطلين عن العمل المحبطين. وبين هذين المستويين، هناك ديناميكية لترسيخ الشرخ بين مكونات المجتمع، تتفاقم بسبب الحواجز اللغوية. وهذا، في حد ذاته، سبب حقيقي لسوء التفاهم وتعميق الخلافات بين مكونات المجتمع.

 

4. لا يستجيب الاستصلاح الترابي لأي تخطيط عقلاني. فالتقسيم الإداري الحالي يتجاهل متطلبات التنمية الاقتصادية، بل إنه يعمل، أكثر من ذلك، على تأبيد التناقضات والصراعات الكفيلة بإلحاق الضرر والقضاء على بقي من تماسك المجتمع وأمله في المستقبل.

 

 ثانيا: غداً سيظهر الأفضل

بعد هذه الصورة القاتمة، وبعيدا عن اللغة الخشبية وعن التكلف والمبالغة، أود أن أقدم لكم الوصفات والعلاجات التي أوصي بها، مع الاعتراف بأننا محدودون بحدود إمكانيات البلد المتواضعة نسبياً.

1. ولأنني أومن بالدولة الجمهورية القوية التي تحتكر العنف، ويحد من احتكارها تحكيم القانون السيادي، فإنني سأضع ولايتي تحت ختم المواطنة التشاركية والحريات الأساسية الفردية والجماعية والديمقراطية العامة لأنه يلهمني ظهور المواطن الموريتاني الجديد.

 

وللتعبير بشكل ملموس عن المساواة بين مختلف مكونات شعبنا، وعدم التخلي أي مواطن على أساس هويته وثقافته، ستصبح جميع اللغات المحلية التي يتحدث بها السكان الأصليون في بلدنا لغات رسمية. وسأجعل التضامن الوطني المصنف السخي يحل محل قبضة الزعامات التقليدية ورجال الأعمال التي تحتجز الناخبين في شباك المحسوبية وتمنعهم من التمتع بحقوقهم وحرياتهم. أما تقاليدنا الإيجابية المشرفة الشريفة فإنها ستبقى شامخة في إطارها الاجتماعي والثقافي، وستلعب روح المبادرة في عالم المال والأعمال دورا حقيقيا في نمو اقتصادنا.

 

هذا وإني ملتزم، وبصفة خاصة، بترسيخ مبدإ استقلال القضاء حتى يتناسب أداؤه مع مهامه الجسيمة. واضعين حدًا جذريًا ونهائيًا للتمييز وعدم المساواة الاجتماعية. ولن نسمح مجددا بأن يسود الإفلات من العقاب، أقسم على ذلك.  

 

2. ومن أجل القضاء على المظاهر المحرجة للفقر، سأجعل جميع مواطني يعملون. تلكم هي قناعتي!

 

واستكمالًا لرمزية الرقم "4"، سأقوم بوضع أربع شبكات على كامل أراضينا، وهي شبكات ضرورية لجهود إعادة الإعمار. وسيؤدي تنفيذ تلك الشبكات الأربع إلى افتتاح ورش أساسية. وعلى مدى سنوات معدودة، سيتمتع آلاف الموريتانيين بالدخل الكريم والفخر الجماعي، مع التركيز على تشغيل الشباب دون تمييز بين الجنسين. ويتعلق الأمر بـ :

- حركة البضائع والأشخاص: يتماشى بناء الطرق السريعة والموانئ ومحطات السكك الحديدية والمطارات مع الأولويات الحالية، أي وضع حد لعزلة موريتانيا وضمان التدفق السلس لتجارة المواد الخام والمنتجات ذات القيمة المضافة. وسيتم تحويل طريق الأمل إلى طريق سريع، وكذلك الطريقين الوطنيين نواذيبو - نواكشوط، ونواكشوط - روصو. وسيمتد خط سكة حديدية على طول ضفة نهر السنغال تفاعلا مع الجسور الرابطة بين الضفتين. وبالإضافة إلى إنشاء سلسلة تبريد من وإلى الداخل، ستمكّن السكة الحديدية من نقل المحاصيل إلى سوق المواد الغذائية، وبالتالي الحد من انعدام الأمن الغذائي وخطر النقص والتضخم. ومع إمكانية إنشاء صناعة الأسمدة في موقع بوفال، سيكون ميناء نجاكو رافعة للتصدير.

 

3. نقل الطاقة من مواقع الإنتاج إلى المستخدمين: ولتقليل معدل هدر الطاقة وتحقيق الاستفادة المثلى للقاعدة العريضة من المواطنين، فإن الضرورة الملحة تملي علينا تحديث معداتنا وتسريع الربط البيني. وإلى غاية نهاية فترة ولايتي الأولى، فإنني لن أسمح إطلاقا باستيراد كيلوواط/ساعة واحد. وتوخيا للواقعية، ستركز جهودنا على استغلال الطاقات المتجددة المحلية، مثل الطاقة الشمسية والطاقة الهوائية، على نطاق ضيق للاستخدام المنزلي. ثم إن إمكانات الهيدروجين الأخضر - بما في ذلك تحويل الأمونيا إلى مدخلات زراعية قائمة على النترات - ستدعم اقتصادنا أولا، قبل تلبيتها للطلب الخارجي.

 

4. تزويد سكان الضفة والمناطق الجافة والمدن ذات الكثافة السكانية العالية بالمياه: نحن عند مصب نهر السنغال الذي يصب في المحيط، خلال فترات هطول الأمطار الغزيرة، خمسة أطنان في الثانية الواحدة! ولا يستفيد من هذه النعمة التي يقلل البعض من شأنها إلا نحن وجيراننا وأشقاؤنا السنغاليون. على الجانب الموريتاني، ما زلنا نفتقر إلى الأدوات الاستكشافية للبقاء في هذا الوسط الصحراوي الآخذ في الاتساع، بدءا من رسم خرائط طبقات المياه الجوفية الأحفورية.

 

وفي الوقت الذي يؤدي فيه الجفاف والهجرة الريفية والاحتباس الحراري العالمي وانفجار الديموغرافيا إلى تفاقم التحدي المتمثل في الإجهاد المائي، نحتاج إلى مئات السدود التي تعمل من يونيو إلى أكتوبر، لاسيما على مستوى الأحواض المائية التي تصب في النهر. فباستثناء سد فم لكليته، تنهار أغلبية السدود أو تتضرر في مواسم الأمطار تحت ضغط السيول. الشيء الذي يصيب آلاف المزارعين باليأس. وبالإضافة إلى الحاجة الماسة إلى الزراعة المكثفة التي يعتبر الجنوب أكثر ملاءمة لها، فإن العديد من الواحات والبلدات في الوسط والشمال آخذة في الجفاف على الرغم من الفوائض التي تتم ملاحظتها في أماكن أخرى. فبإمكان قنوات المياه العذبة أن تجلب الحياة وتحافظ على التنوع البيولوجي في جميع أنحاء موريتانيا.

 

5. النقلة النوعية في الاتصالات والمعرفة المبتكرة، من الإنترنت الفردي إلى البيانات: يتطلب الوفاء بالمتطلبات الأساسية لتحسين متعدد الأبعاد في أدوات الإنتاج والخدمات وظروف العمل زيادة توافر الخدمات، حتى داخل المناطق التي يصعب الوصول إليها. ومن هنا، سيكون من المهم الجمع بين تطوير الشبكات الأربع التي أبني عليها مشروعي المجتمعي. وهذا ما سيدفعني إلى تشجيع الاستثمار الضخم في الألياف البصرية والنحاس. كما أنني لن أهمل تعميم الذكاء الاصطناعي، لاسيما في مجال التسيير غير المادي، وفي ذلك رافعة أساسية لمكافحة الفساد.

 

سنراجع نظام التعليم العام ونعهد إليه بأدوار محددة وفقا لتحديات العصر المتسمة بشراسة المنافسة وعدم استقرار موازين القوى على النطاق القاري:

أ. تكريس ملكة النقد والوضوح والمعرفة بعالم دائم التغير والصخب المتزايد؛

ب.  إعداد الأطفال والشباب لاكتساب المهارات، ومن ثم مهن تجمع بين الدخل الكريم والأهلية للحركة الاجتماعية؛

ج. استعادة ألفة الأمة من حيث تشكيل الوفاق وترسيخ الوحدة؛

 د. اعتماد سياسة وخيارات لغوية تكفل للموريتانيين فرصة التواصل فيما بينهم، وبينهم وبين شعوب شبه المنطقة. وينبغي لمبدإ التعدد الفعال للغات في نهاية التعليم الابتدائي أن يمكن من تحقيق هذا الهدف. وتحقيقا لهذه الغاية، لا بد من تعزيز اكتساب اللغات الوطنية من أجل إعطاء الأولوية لاكتساب تلاميذ الابتدائية للمعارف الأساسية عبر اللغة الأم لكل تلميذ.

 

سنقوم بمراجعة التقطيع الإداري بوصفه مقدمة للأهداف المتعلقة بإنتاج الثروة والتوظيف، بعيدا عن خصوصيات العصور الماضية وأوهامها وتحيزاتها. فهناك سبعة مكونات تؤطر رؤيتي للتخطيط للاستصلاح الترابي وتنظمها، وفقا للمعايير المشتركة للإدماج والاقتصاد والحوكمة:

  • المنطقة الزرقاء تغطي الساحل، باستثناء نواكشوط. وسنكرس الأولوية هناك للنقل البحري، وصيد الأسماك، والصناعات ذات الصلة، وأحواض بناء السفن، وعلم المحيطات، والسياحة الساحلي.
  • المنطقة الخضراء، وتغطي الضفة ما بين كيدي ماغا والترارزة. وستستعيد لقب "سلة موريتانيا" التي تضمن اكتفاءها الذاتي من المنتجات الزراعية؛

ج. منطقة التعدين، وتشمل منطقة أقصى الشمال الصحراوي. وستطور فيها أنشطة الاستخراج والتجهيز وفقا لمعايير حماية البيئة؛

 

د. منطقة الجبال الكبرى، وتشمل جبال آدرار وتكانت والعصابة. وستخصص هذه المنطقة للسياحة والصناعة التقليدية والزراعة خارج مواسمها؛

 

هـ. منطقة الرعي، وستضم سهول الحوضين الغنية بالمراعي وتوريد اللحوم والحليب ومشتقاته. وستضم التعليم والتجريب البيطري ومصانع التسمين والأسمدة الطبيعية ومزارع الماشية ومصانع الجلود؛

 

و. منطقة تمنح الأولوية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهي منطقة مستحدثة مؤخرا، كانت ضحية المخطط غير الطبيعي لطريق الأمل الذي تجاوز المناطق المكتظة بالسكان. وتشمل هذه المنطقة مقاطعات مال، وباركيول، ومونكل، وامبود، المعروفة سابقا باسم مثلث الفقر، ولاحقا بمثلث الأمل؛ 

 

ز. منطقة العاصمة نواكشوط، وهي مركز سلطة الدولة. ولها ميناء لشحن البضائع وتفريغها، ومحطة للصيد التقليدي، ومطار دولي. وفيها يقيم ثلث السكان. إنها مدينة مزدحمة وتتمدد أفقيا. فلا بد إذًا من تجهيز هذه المدينة بالمرافق ووسائل الراحة الضرورية لمدينة بهذا الحجم.

 

إن جاذبية العاصمة نواكشوط، بوصفها واجهة للبلاد، تتطلب المزيد من شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، ومناطق خاصة بإعادة التشجير، ومرافق رياضية وترفيهية، ومنصات للعروض الفنية. إنها تحتاج - باختصار شديد - إلى حياة أقل غموضا.

 

مواطني الأعزاء،

معكم يمكننا تطوير بلدنا. فلا بد لنا من إعادة إنشاء حاضرة للشرف والأخوة والعدالة في ظل التكافؤ المريح للفرص. ولذلك، دعوكم اليوم للانضمام إلي في هذا المسعى النبيل. وبمساعدتكم، سنحقق المستحيل!

 

وبعد عقود من الإنكار والقمع، دعونا نقدم على العلاج الجماعي للحقيقة والتطوع عن قناعة! ولن يزيدنا ذلك إلا استعدادا أكبر لتحقيق النجاح! ولْنجرؤ، بعد عقود من الإنكار والقمع، على العلاج الجماعي والاعتماد على الحقيقة والرغبة القوية في الإقناع! وسنخرج من ذلك كله أكثر استعدادًا وجاهزية للنجاح!

 

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}

 

نسأل الله التوفيق والنجاح لكل الموريتانيين.

 

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

 

نواكشوط: 28 - 05 - 2024 

 

31 May 2024