ما بين ادعاء النخبوية والتحولات المجتمعية/ عبد الفتاح ولد اعبيدن

يعترض البعض على الاجتماع و التنسيق السياسي باسم القبيلة أو الجهة أو غيرها مما يوصف بأنه أطر ضيقة تضعف مفهوم الدولة و ترابط الناس فى سياق أوسع.و الحقيقة أن هذه التحركات و التنسيقات إن حصلت،و مهما خدمت من أهداف ضيقة فإنها عقدت لخدمة الوطن بالدرجة الأولى،خصوصا ما يتم منها فى الأفق الانتخابي الراهن.

و المتأمل فى المسار العام لممارسة العمل السياسي فى كنف الحركات السياسية و الأحزاب السياسية لم يبتعد كثيرا عن تأثير الأشخاص المؤسسين و انتماءاتهم القبلية و الجهوية،و لم تغب تلك الملامح عن حزب التجمع من أجل الديمقراطية و الوحدة”RDU”،و عن حزب التكتل فقد كان مسرح تأثير بالدرجة الأولى لمدينة معينة و جهة معينة،و كذلك كان مستوى الفاعلية الأول لحزب تواصل أيام جميل منصور و اليوم يتحول لولاية العصابة و المنطقة الشرقية عموما،من حيث مستوى أشخاصه الفاعلين!.

و ستظهر نتائج الانتخابات الرئاسية المرتقبة مزيدا من التصدع فى كيان هذا الحزب،الذى هجرته شخصيات وازنة للظهور فى صف الموالاة،و عموما لقد ظلت الانتماءات الضيقة تحتفظ لنفسها بحق االنقض"الفيتو"فى آخر لحظة من تاريخ العمل السياسي،و ذلك فى كل قطر و دولة،و خصوصا فى الدول العربية و الافريقية ،و الأمثلة كثيرة.

و لكن المخرج من الانعكاسات السلبية الحادة لمثل هذه الظواهر ،هو التركيز على البعد العمومي،تكريسا لخدمة الدولة و المجتمع و معانيهما العمومية،و ذلك من خلال التمسك،و لو نسبيا،بالأطر الجامعة للعمل العام،تحت عباءة مثلا لا حصرا،الأحزاب و الجمعيات.

أما القول و التقرير ،بأن النخب هجرت المعانى و الأساليب العامة للعمل،خدمة للقبائل و الفساد و المحسوبية،فهذا تعميم لا يصدق،و إنما لكل بيئة خصوصياتها و إكراهاتها،و يحسن دائما التنبيه للتمسك بعروة العمل الجامع مهما كانت الموجات و الظواهر المجتمعية المضيقة على مجاله الواسع المتنوع.

و أما الدولة عموما و ما يخدم سعتها و بعدها العمومي الجامع أيضا،فينبغى طبعا تكريس كل هذه الأنشطة الانتخابية و المجتمعية و الإعلامية و السياسية فى هذا الأوان و غيره لخدمة سياقها الجامع و تنوعها و بعدها العمومي المحض،حتى لا نرجع لعهود غابرة،سادت فيها الانتماءات الضيقة و غاب فيها الناظم المشترك الموحد.

 

27 May 2024