ردا على من خذلوا المجاهدين في غزة العزة
يذهب بعض أدعياء الثقافة والفكر المثبطين المتحاملين على المجاهدين الأبطال في غزة رمز المجد والعزة في كتاباتهم وتحليلاتهم مذهبا غريبا عجيبا خاليا من أي منطق أو عقل>
والحقيقة أني أستغرب كيف تصدر مثل هذه التحليلات والتغريدات ممن يحملون شهادات جامعية، والبعض منهم سبق أن تولى مناصب سامية من بينها حقائب وزاوية.
ومهما يكن، فغالبا ما يفضح المكتوب - من أوله - ضحالة تحليل صاحبه، و يظهر بجلاء من خلال خلفيته الفكرية أنه لا يعترف أصلا بالقدس والمسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى ومعراج الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام، أحرى أن يعتقد أو يؤمن بأن الجهاد في سبيل الله من أجل تحرير القدس والمسجد الأقصى وسائر الأراضي الفلسطينية من أوجب الواجبات على الأمتين العربية والإسلامية في مواجهة إسرائيل والغرب الصهيوني بقيادة أمريكا وبريطانيا، وتحت مظلة المصالحة الشيطانية بين المسيحية واليهودية التي قامت على اعتبار الإسلام عدوهما الأول.
وليس مؤتمر(كمبل) ووعد (بلفور) البريطانيين إلا ثمرة لتلك المصالحة الصهيونية - الصليبية المشؤومة التي أدت إلى زرع هذا الكيان السرطاني في قلب الأمة العربية ليمنع وحدتها من المحيط إلى الخليج، وهي التي تجمعها علاقات الدين والدم واللغة والتاريخ والجغرافيا، ولا تفرقها سوى اتفاقية سايس بيكو الخبيثة.
ولمساعدة هذا الكيان البغيض الذي تقيأت به شعوب العالم إلى فلسطيننا الحبيبة وقدسنا السليبة في مهمته الأساسية وهي تدمير الأمة العربية والإسلامية، خلق الغرب الصهيوني فينا حكاما عملاء، موالين للكفار، يدافعون عن عروشهم وعن مصالح الأعداء، أكثر من حرصهم على أوطانهم ومواطنيهم.
ويكفيك لتتأكد من ذلك - وعلى سبيل المثال لا الحصر - أن تنظر كيف يمعن السيسي وعبد الله في حراسة حدود إسرائيل بل والمساهمة في تجويع سكان غزة، وكذلك الجسر الجوي الإماراتي، وشحنات النفط السعودي إلى تلابيب كما ذكرت بعض الصحف والتقارير العالمية الموثوقة.
وكثيرا ما يورد جازما أغلب هؤلاء الكتاب أكذوبة أن إيران هي عدو الأمة العربية الأول وليس إسرائيل رغم مناقضة هذه الفكرة لنص القرآن الكريم: {لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا..}.
وينسون أن فلسطين كانت محتلة قبل الثورة الإسلامية الإيرانية 1979 فمن كان عدو الأمة الأول حينها؟، ومن سلم العراق للإيرانيين وهو عمقه الاستراتيجي في مواجهة الثورة الإيرانية أليست دول الخليج وعلى رأسها السعودية والإمارات؟، لغياب أي حس أمني استراتيجي عندهم ولأنهم عملاء يأتمرون بأوامر أمريكا والغرب الذي يريد تقسيم الدول الإسلامية وتدميرها بضرب بعضها ببعض.
وهل تلام حماس السنية وهي تتجرع مرارة ظلم العدو اللدود، وخيانة القريب الجحود، إذا هي تلقت الدعم والمساندة ممن تجمعها معه شهادة أن لا إله إلا الله و أن محمد رسول الله، وبعد معركة طوفان الأقصى من الذي يحارب ويغيظ الكفار ويهجرهم عن مدنهم ويحاصرهم في البحر الأحمر ويضرب السفن المتوجهة إلى موانئهم مساندة للمجاهدين الأبطال في غزة أليس حزب الله والحوثيين وغيرهم من حلفاء إيران، أليس من المنطقي ما دامت أمريكا ومن ورائها الغرب يشاركون بالقنابل والصواريخ والطائرات والبوارج الحربية والمخابرات والغطاء السياسي (الفيتو) والإعلامي لحليفتهم وصنيعتهم إسرائيل، ألا يحق للمقاومة الفلسطينية أن يكون لها حلفاء أيا كانوا وهي المدافعة عن عرضها وأرضها المحتلة ومقدساتها منذ أكثر من قرابة قرن من الزمن، الأمر الذي تبيحه لها كل القوانين والمواثيق الدولية والشرائع الإنسانية.
وفي الختام، فإن بعض هؤلاء الكتاب يبشر بعد التطبيع مع اليهود بتنمية ورفاه اقتصادي لم يسبق له مثيل، فعن أي تنمية يتحدثون؟ فهل جلبت اتفاقيات العار والاستسلام العربي على طريقة "كامب ديفيد" و"أوسلوا" و"وادي عربة" غير المذلة والهوان وطوابير الجياع في مصر قلب الأمة النابض الذي إذا صلح صلحت الأمة كلها وإذا فسد فسدت الأمة كلها كما هو حالها الآن على يد العميل الصهيوني السيسي الذي هو هدية الرب لإسرائيل كما يسميه الصهاينة أنفسهم، فهو الذي وأد الربيع العربي في مهده بأوامر من أسياده اليهود والأمريكان، وتآمر وتمويل من بلاد نفطستان تلك التي أهم صادراتها حقائب جلدية مصنوعة من جسد الإنسان، تلك التي تمتد من شواطئ القهر إلى شواطئ السحل إلى شواطئ النسيان؛ فدبروا له انقلابه المشؤوم على أول رئيس مصري منتخب الدكتور الشهيد محمد مرسي رحمه الله الذي أوقف حرب غزة 2012 بعد صرخته المدوية المشهورة: (لن نترك غزة وحدها)، وفتح معبر رفح وأرسل وزيره الأول هشام قنديل إلى غزة لتقديم المساعدة، مما اضطر أمريكا إلى إرسال وزيرة خارجيها هيلاري كلنتون إلى القاهرة لتعلن من القصر الرئاسي إيقاف الحرب بشروط مشرفة لفصائل المقاومة، فهل يستطيع هؤلاء الكتاب المثقفون أن يقارنوا بين الليلة والبارحة، وإذا لم يستطيعوا أن يتبينوا الفرق الشاسع بين الحق و الباطل، وبين الظلمات والنور، فعليهم أن يتذكروا بيت المتنبي:
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره *** إذا استوت عنده الأنوار والظلم
والخلاصة، أن محور العمالة والنذالة والسفالة بقيادة أركانه الأربعة السيسي، وعبد الله في حراسة الحدود، وحصار الإخوة الأشقاء وحرمانهم من الماء الغذاء والدواء، وبن زايد وبن سلمان في قلب الدفاع بتزويد العدو بالعتاد والمؤن وشحنات النفط وعقد القمم الفاشلة لامتصاص غضب الشعوب العربية وما تبقى لديها من نخوة وحمية.
ولا أشك في الختام أن محور الخيانة أسيادا وعبيدا يتباكون الآن على صفقة القرن (أو بصقة القرن) التي جرفها طوفان الأقصى إلى غير رجعة، وأن سفينة المقاومة الباسلة في غزة بقيادة كتائب القسام وكافة الفصائل وأحرار العالم ستصل قريبا إلى بر الأمان، والنصر والمجد والعنفوان، ولن يتخلف عنها إلا من هو عمل غير صالح.
ولا قرت أعين الجبناء