حرية التعبير مكسب عصي على اللاتفاف/عبد الفتاح ولد اعبيدن

بمجرد حديث وزير الرقمنة عن محاولة حجب بعض الصفحات المؤذية فى التواصل الاجتماعي،شرع البعض كعادته فى كيل الشتائم لموريتانيا و نعتها بالظلامية،رغم ان ما يفهم من كلام الوزير لا يتعدى محاولة حجب الصفحات المؤذية فحسب،فمثلا إن تبنى بعض المواطنين أو غيرهم نشاطا عدائيا إعلاميا،يستهدف ديننا أو قيمنا،أليس الأفضل عدم إتاحة تصفحه محليا،فى سياق تحصين منظومتنا الدينية و الاخلاقية،و طبعا هذا التعميم ليس على مختلف أنشطة التواصل الاجتماعي،لكن البعض من صيادي الماء العكرة ينتهز كل شاردة و واردة للتهجم و تبخيس كل شيئ،و للتذكير حرية الإعلام و التعبير فى هذا الوطن،و التى انطلقت رسميا مع مطلع التسعينات ،أصبحت فى مستوى من التمدد و التداول و التعود من المستحيل مصادرتها،مصادرة مطلقة،كما أن الكلام ينبغى أن لا يصرف عن معناه الإيجابي،لتزويد شائعات أو تضخيم تأويلات لن يصدقها متابع جاد.

و باختصار فهمت كلام الوزير فى حيز تطوير قدرات موريتانيا الفنية فى هذا الصدد الضروري فى بعض الحالات الاستثنائية،فإن تم توجيه بعض الاستهداف المغرض المركز من خلال بعض وسائط التواصل الاجتماعي و لم تكن لنا خبرة فى هذا المجال تمكننا من حجب الصفحات العدائية،فسيكون ذلك نصرا للأعداء،و الحرب فى هذا الزمان أنواع و فنون،و قد أضحى من أبرزها الحرب الألكترونية،لكن المسارعين فى التأويل الفاسد و التحميل المغرض،لا ينتظرون تفهما و لا استيعابا صحيحا،و أما الحجب العام كلما وقع لأسباب خاصة استنائية،ارتأته السلطة القائمة،فيتم بمجرد حجب الانترنت عن المحمول مثلا،فتصبح مجموعات كثيرة لا تتيسر لها خدمة الانترنت بسهولة،و يصبح الحجب هو الطابع المهيمن تقريبا،لكن تلك حالات امتحانات و فترات استثنائية،لا تمثل الاتجاه العام لمبدأ تشجيع تداول الانترنت و حرية التعبير و الإعلام مع التمسك بهويتنا و مصالحنا العيا.

إن حرية التعبير مكسب دستوري و هي إلى جانب ذلك طبيعة شعبنا و من لوازم حياته اليومية،بحكم رسوخ صفة الانفتاح و الشفافية،و لا أظن أي جهة رسمية أو شعبية تسعى للتضييق على تلك الحرية الراسخة،كما أن الحرية الإعلامية،ما فتئت حكومتنا تصرح برعايتها و الحرص على التمسك بها،و بتعليمات مكررة من صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ الغزوانى.

و بعد يوم من قصد تداول البعض للتأويل الفاسد لكلام وزير التحول الرقمي و الابتكار و عصرنة الإدارة جاء بيان هذه و بإيجاز لينفي تلك التحريفات غير الأمينة مطلقا.

 

22 January 2024