حوار خاص/ عبد الفتاح ولد اعبيدن
ضمن نقاشات بطابع محلي ،قال لي محدثي ،أيمكن أن يتم تجاهل مجموعة طبعت هذه الربوع ما قبل الدولة الوطنية ،بمساجدها و واحاتها و زراعاتها و دورها فى المقاومة ،ثم حكم أحد أفرادها أكثر من 20 سنة،ثم أسسوا مع غيرهم القطاع الخاص و ما زال لهم دورهم المتميز فى هذا الجانب الاقتصادي البارز،يقول محدثي و مع ذلك منزلتهم فى المسرح السياسي القائم ،من حيث حظوظ التعيين متواضعة.
قلت هذا المنطق أقدر جانبا منه من حيث المشاركة فى بلاد شنقيط و موريتانيا الحديثة،و ربما نسيت توليهم الإمامة فى شنقيط ،على مدار خمسين إمامًا،قبل التوجه لتأسيس أطار و شنقيط،أما قياس الوجود السياسي بحجم الحظوة من التعيينات فى المشهد العمومي فلا أراه ،على نسق مثلما قدمت،سوى فى سياق الاستفادة من الخبرات و إعطاء كل ذى حق حقه،و أما تقريب كل من حكم الوطن و أن له نصيبا مفروضا ،على منحى التركة السياسية المتوارثة،فهذا منطق سطحي ،لا يصلح إطلاقا لتسيير الدول.
و من المؤسف ربما أن يتمكن أي مهيمن من الاستحواذ وحده على أهم منافذ السلطة ،على حساب السواد الأعظم من الناس ،و إن كنت لا أرى هذا الطابع مطبقا فى الحقبة السياسية الراهنة،و إن كان ضروريا التأكيد على الإنصاف،قولا و عملا،حتى تطمئن كافة طاقات الوطن على إتاحة الفرصة ،ليرى الجميع ذاته و ليساهم بمقدراته فى بناء الوطن و ترسيخ الصالح العام،بصورة متوازنة،دون غلبة جهة أو عرق أو شريحة على أخرى.
و ربما يكون منطق المحاصصة فى موريتانيا أو غيرها منطق يصعب اتخاذه ميزانا لتوزيع الكعكة أو المسؤوليات بين الناس ،لكثرة و تنوع الانتماءات،و تولى رجل أو امرأة وزارة أو مسؤولية لخدمة الوطن،قد لا يعنى ذلك مطلقا أنه يمثل نصيب قومه فى "المخزن".
و عموما الذين يتم تعيينهم يقدمون خدمة لوطنهم،و ليس لزاما أن يكونوا بحجمهم و مستواهم تمثيلا لمجموعات معينة،و إنما هو تكليف و اختبار،و لا أظن هذا المنطق الضيق،الذى قد يستسيغه البعض صالحا للتعميم و التنزيل على كل حالة،و باختصار المجموعة التى أشرت إليها يا محاوري ،هي أقرب المجموعات ربما لمنطق الدولة،بحكم تخمر التجربة و البعد المدني و السياسي،و لا يسود فيها إلا منطق العمل على تعميق هيبة الدولة و مباركة أفعالها الحسنة و الدعوة بالحسنى لإكمال ما نقص ،و إن دعت المصلحة لضرورة السعي لتحقيقه،بعيدا عن التطرف أو التفريط.
و لعل مصالح انتخابية قد تدعو لمغازلة العمق الانتخابي،لكن التجربة و الوسائل و تركز الخيرات الباطنية كل ذلك يفرض التوازن،حتى من أجل المصلحة الانتخابية الآنية الضيقة العابرة،و قد أثبتت الأيام فيما مضى عمق الارتباط بين السلطة و المال و جهات ليست ذات ثقل عددي أحيانا،و فى أكثر من دولة،و هو واقع يدعو لضرورة الحساب الانتخابي،قبل تجاهل مناطق او مجموعات قد لا تكون لافتة عدديا ،لكنها وازنة نوعيا.
و لقد عمل صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى على التناغم و الارتباط الوثيق الإيجابي مع كافة مكونات الوطن،دون تمييز أو تجاوز بمنطق ضيق،و نرجو أن يتعزز ذلك التوجه،حتى يترافق شعار الإنصاف مع مستوى الإنصاف الفعلي الملموس.
و لكل أجل كتاب ،فلا تستعجلوا خطوات الرئيس و تعهداته،فما من هدف سام سامق إلا و يحتاج جهدا و وقتا للوصول لمستوى ترجمة الوعود إلى أفعال،و لنصبر و لنتعاون جميعا لتكملة النقص و تجاوز الثغرات،و الله ولي التوفيق.