قيادي حزبي: رفع "الجمركة" على الخضر والفواكه القادمة من المغرب ليس سياسيا
قال أحمد ولد عبيد، نائب رئيس حزب “الصواب” الموريتاني، إن القرار الأخير الذي اتخذته السلطات الموريتانية برفع الرسوم الجمركية على الخضر والفواكه القادمة من المغرب عبر معبر الكركرات “ليس قرارا سياسيا” ولا ينطوي على أي موضوع ذي طبيعة سياسية، مشيرا إلى أن هذا القرار مرتبط بالأزمات الغذائية التي يشهدها العالم والتي تدفع كل دولة إلى اتخاذ خطوات وتبني استراتيجيات معينة لضمان أمنها الغذائي.
وسجل ولد عبيد، في الحوار التالي الذي أجرته معه جريدة هسبريس الإلكترونية المغربية، أن كل محاولات التشويش على الدينامية التي تشهدها العلاقات الموريتانية المغربية، خاصة منذ انتخاب الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني، ستبوء بالفشل.
كما شدد السياسي الموريتاني في الوقت ذاته على أن غياب نواكشوط عن الاجتماع التنسيقي الأخير حول المبادرة الأطلسية مرتبط فقط بـ”إكراهات ظرفية”، ولا يتعلق أبدا بالتدخل الجزائري في القرار الموريتاني الذي وصفه بـ”السيادي والمستقل”.
نص الحوار:
أولا فيما يخص اتحاد المغربي الكبير، اليوم وبعد أكثر من ثلاثة عقود على تأسيسه، ما زال هذا التكتل لا يرقى إلى مستوى تطلعات الشعوب المغاربية.. ما الذي يجب فعله، في نظركم، لإعادة إحياء هذا التكتل المغاربي؟
إن إقامة اتحاد مغاربي ليس كمالية من الكماليات؛ بل هو ضرورة قصوى، خاصة أن العالم اليوم يتجه إلى إقامة التكتلات الكبيرة بين الدول بما يضمن قوتها ويحفظ مصالحها القومية ومصالح شعوبها.. وبالتالي، فنحن، اليوم في المنطقة المغاربية، في حاجة ملحة إلى تفعيل الاتحاد المغاربي والذي سيضمن لنا تكتلا بشريا واقتصاديا وسيضمن لنا أيضا استمرارية العيش والوجود في هذا العالم. وعليه، فإن تفعيل هذه الخطوة يحتاج أولا إلى إزالة كل المشاكل القائمة الآن بين الدول المغاربية، والتي هي مشاكل بسيطة.
من بين المشاكل التي تعيق إقامة هذا التكتل مشكل الصحراء المغربية والتوتر بين المغرب والجزائر. في هذا الصدد، أي دور لموريتانيا وباقي الدول الأخرى في إذابة الجليد بين هذين البلدين؟
أظن أن هناك أدوارا يجب أن تُلعب في هذا الصدد. وتتعلق بالأساس بالقادة السياسيين للدول المغاربية ومختلف النخب والأحزاب السياسية في هذه الدول، سواء في موريتانيا أو المغرب أو الجزائر أو تونس أو ليبيا، حيث يجب السعي من أجل بناء حوار بناء وهادف بين هذه النخب. ويمكن أن يشكل هذا الحوار خطوة أولى في اتجاه إيجاد تسوية للنزاعات العالقة بين الدول المغاربية.
فيما يخص العلاقات المغربية الموريتانية، تستعد نواكشوط، في الأيام القليلة المقبلة، لافتتاح قنصلية عامة لها بمدينة الدار البيضاء من أجل مواكبة التطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين على المستوى الاقتصادي.. كيف تنظرون إلى هذه الخطوة؟ وكيف يمكن أن تساهم في تعزيز العلاقات بين البلدين؟
أولا، تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الموريتانية والمملكة المغربية هي علاقات شعبين شقيقين وعلاقات متميزة على هذا المستوى. أما بالنسبة للعلاقات بين حكومتي البلدين فقد تمر، في بعض الأوقات، بفترات مد وجزر؛ غير أنها تبقى دائما علاقات قوية وبناءة.
وفي السنوات الأخيرة، خاصة بعد تولي الرئيس ولد الغزواني الحكم، شهدت العلاقات بين البلدين تطورا كبيرا وتتطور أكثر فأكثر.. والدليل على ذلك هو هذه الخطوة التي أقدمت عليها نواكشوط بافتتاح قنصلية عامة في مدينة الدار البيضاء، والتي ستتبعها حتما خطوات أخرى ستساهم في تعزيز العلاقات بين هذين البلدين المغاربيين بما يخدم مصالح شعبيهما.
دائما وفي إطار هذه العلاقات، قامت نواكشوط، مؤخرا، برفع الرسوم الجمركية على الخضر والفواكه القادمة من المغرب عبر معبر الكركرات بنسبة قياسية ناهزت الضعف.. هل هذا القرار سياسي بالدرجة الأولى أم هو مرتبط بتقديرات الحكومة الموريتانية من أجل ضمان الأمن الغذائي للموريتانيين؟
قرار رفع الرسوم الجمركية ليس قرارا سياسيا أبدا، وتم تحميله ما لا يحتمل؛ ذلك أن هذا القرار يجد له تفسيرا في التطورات والخطوات الأخيرة التي اتخذتها مجموعة من الدول لضمان أمنها الغذائي، خاصة في ظل أزمة الغذاء العالمية والتغيرات المناخية التي تلقي بظلالها على استراتيجية الدول على المستوى الفلاحي. وعليه، فإنه لا علاقة لهذا القرار بأي موضوع سياسي آخر.
طيب، إذا كان قرار رفع الرسوم ليس سياسيا، هل ينطبق الأمر ذاته على غياب موريتانيا عن الاجتماع التنسيقي الأخير في مراكش بشأن المبادرة الأطلسية التي أعلن عنها الملك محمد السادس أواخر العام الماضي؟ كيف تفسرون هذا الغياب؟
أظن أن الأمر مرتبط فقط بإكراهات يمكن التغلب عليها في المراحل المقبلة.
…ما طبيعة هذه الإكراهات؟
ليس لديّ تفاصيل في هذه الصدد؛ لكن هناك إكراهات يمكن لقادة البلدين أن يتجاوزوها.
هل الأمر مرتبط ربما بضغط تمارسه الجزائر على السلطات الموريتانية وتدخل هذا البلد في القرارات السيادية الموريتانية حسب ما يقول الكثير من المتتبعين؟
قرارات الجمهورية الإسلامية الموريتانية قرارات سيادية ومستقلة، ولا يمكن لأي كان التأثير فيها؛ لا الجزائر ولا غيرها من الدول الأخرى. إن مواقف الدولة الموريتانية ثابتة وتتخذها من منطلقات المصلحة القومية، وليس من أي منطلقات أخرى.
فيما يخص موضوع المنقبين عن الذهب الذين “قتلوا” في قصف مغربي بطائرات مسيرة خارج الحدود الموريتانية حسب ما أكده الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية نفسها، وسط دعوات من البوليساريو إلى نواكشوط لاتخاذ موقف حازم من تكرار هذه الحوادث، هل تعتقدون بأن علاقات بلادكم بالمغرب يمكن أن تتأثر على ضوء ذلك؟
أجدد التأكيد على أن العلاقات المغربية الموريتانية تتطور بشكل إيجابي، وكل من يريد دق إسفين في هذه العلاقات أو التشويش على تطورها فلن يصل إلى مبتغاه أبدا؛ لأن حكام البلدين يدركون جيدا طبيعة المصير للبلدين وللشعبين الشقيقين.. كما أن هؤلاء الحكام واعون بأن استمرار هذه العلاقات هو في صالح كلا الدولتين؛ وبالتالي فإن كل محاولات الإيقاع بين نواكشوط والرباط ستبوء بالفشل لا محالة.
سؤال أخير، فيما يتعلق بالموقف الموريتاني الرسمي من نزاع الصحراء المغربية، هل تعتقدون بأن هذا الموقف يتلاءم اليوم مع طبيعة التطورات الدبلوماسية الكبرى التي يشهدها هذا الملف أمام تنامي الدعم الدولي لمغربية الصحراء، سواء من واشنطن أو مدريد أو غيرها من الدول؟
الموقف الرسمي الموريتاني من قضية الصحراء هو موقف الحياد الإيجابي، حيث إن القيادة في نواكشوط تواجه إكراهات معينة مرتبطة بطبيعة هذا الصراع؛ وبالتالي فهي ترى أن الموقف الطبيعي والمناسب هو الحياد ومحاولة لعب دور في رأب الصدع بين المغرب والجزائر والمساهمة في حل هذا النزاع. أما الموقف الشعبي فهو مخالف، إذ يدعم الشعب الموريتاني وحدة كل الدول المغاربية.