حول رئاسيات 2024 و2029/ عبد الفتاح ولد اعبيدن
لن تكون انتخابات 2024 الرئاسية صعبة معقدة،بالنسبة لتجاوز الرئيس غزوانى فى الشوط الأول،و ربما لن تكون حيوية كثيرا إذا لم تتعمد السلطة فبركة مرشح مؤثر،مثلي أو غيري،قد لا يمنع ظهور نفس النتائج ،لكنه سيزيد ملح و مصداقية هذه اللعبة المرتقبة،فى 22/6/2024،بإذن الله.
و عموما انتخابات 2024 ،حسب معطيات مفحمة،ستكون محسومة لصالح ولد غزوانى،و لكنها قد لا تكون حامية الوطيس.
و العهدة الثانية لصالح صاحب الفخامة،محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزوانى،قد لا تكون أكثر حيوية من الأولى،بحكم طبيعة الطاقم و صعوبة التحديات ،التى ستظل تواجه أي محاولة واسعة لتقديم إنجازات نوعية.
فظاهرة الأنانية المفرطة عند البعض مازالت تراوح مكانها،و تحويل العمل الحكومي أحيانا لمجرد فرصة للثراء،بل و ربما لتصفية الحسابات،و من يعرف دهاليز السلطة جيدا،سيرى بأم عينيه ،أن المحسوبية هي سيدة الموقف ،منذ بزوغ فجر الاستقلال و إلى اليوم.
و مازال يدعو صاحب الفخامة و بإلحاح لتقريب الإدارة من المواطن،لكن الإدارة عمليا فى بعض المرافق لا تزال بعيدة من المواطن،و خصوصا المواطن الضعيف بل و المتوسط،إن صدق هذا الإطلاق،لضمور الطبقة المتوسطة و كثرة العراقيل التى تواجهها.
و بحكم تقييم مرحلة 1978 و إلى اليوم،ربما على الأرجح سيكون محمد ولد الشيخ الغزوانى آخر رئيس منحدر من المؤسسة العسكرية سيحكم موريتانيا.
و أمًا انتخابات 2029 فمهما تكن مشاركة بعض المنحدرين من المؤسسة العسكرية،فسيكون طابعها مدنيا ،بالدرجة الأولى،و رغم إصراري على المشاركة المباشرة يومها،بإذن الله،إلا أن وجوها ظهرت سياسيا فى العقود الماضية،من الأرجح ان يشارك بعضها فى اللعبة الانتخابية الرئاسية،سنة 2029،بإذن الله.
و من غير المستبعد -حسب تصوري الشخصي-أن يبرز على لائحة المترشحين حينها،سيد محمد ولد محم و محمد جميل ولد منصور،على سبيل المثال لا الحصر،و ربما تكون انتخابات 2029 بداية الديمقراطية الجادة فى موريتانيا،بعيدا عن اللجوء لابتكار قوانين مصادرة الحريات ضمنيا و سجن الخصوم السياسيين بحجة أو بأخرى.
نخبة موريتانيا تواقة لظهور طاقات سياسية فاعلة و مسالمة و عارفة بفن السياسة و مختلف أوجه تدبير الشأن العام،لأن موريتانيا تمتلك مقدرات النماء و الإزدهار ،لكنها بحاجة ماسة يومها لرجال مؤمنين مسالمين مبدعين،لا يستعجلون العقاب،و إن كرسوا هيبة الدولة و حرمات القوانين المعمول بها،بعيدا عن الإفراط أو التفريط.
و للتذكير قد لاحظت من خلال نشاطات سياسية و انتخابية متعددة،و حتى مناسبات خاصة،مدى سعة و تنوع علاقات الأستاذ سيد محمد ولد محم،و اطلعت شخصيا على عمق علاقاته مع رموز المؤسسة العسكرية،هذا إلى جانب قدراته الظاهرة فى تسويق قناعاته السياسية،و أما جميل منصور ،و من نفس المدرسة تقريبا ،فهو مقتدر تحريرا و خطابة و وثيق الصلة بالمسرح السياسي الوطني،و خبر السياسة منذ بيوتات لكصر ،أيام التنظيم السري الإسلامي مع مطلع الثمانينات و إلى اليوم ،و بعدما غادر حزب تواصل تكريسا للتناوب ،و الذى ساهم بقوة فى تأسيسه،بدأ ذلك الحزب يترهل و يضعف،و تتكاثر فى صفوفه الاستقالات،من العيار الثقيل!.
لكن سيد محمد من صف الموالاة الأوسع مجالا و جميل من المعارضة،و إن جنح للوسط منذ بداية خمسية الرئيس غزوانى.
و لا أستبعد أن يكون سيد محمد مرشحا و جميل مترشحا،و طبعا ستكون انتخابات 2029 حيوية و معقدة بامتياز،و حازمة و حاسمة فى تطور الفكر السياسي الموريتاني و إمكانية تعميق الطابع الراقى للفعل السياسي المتعقل الجامع ،لأغلب مكونات الطيف السياسي،بإذن الله.
و فى انتظار المزيد من ظهور المهتمين و ما سيبشرون به من خطط إصلاحية و مشاريع سياسية و تنموية،ستتفاعل الساحة السياسية الوطنية،لتصبح ربما أكثر حرية و لتتسلح بروح نقدية جريئة،دون إساءة او تفريط.
و باختصار من المرجح أن تكون انتخابات 2029 مختلفة عن هذه الوشيكة 2024،و رغم أهمية المامورية الثانية للرئيس الحالي ،محمد ولد الشيخ الغزوانى،إلا أن المسرح الوطني مع تقدم الوقت و الابتعاد عن بعض القيود التقليدية،من حصاد الأنظمة المتعاقبة الاستثنائية،قد تتحسن فرص الحكامة الراشدة و التنمية المستديمة فى أفق ما بعد رئاسيات 2029 ،و مع جيل جديد من المسؤولين الرسميين ،قد يكون أكثر إحراجًا مع تجذر حرية التعبير و طغيان آلات و آليات السوشل ميديا المتنامي بسرعة يومها.