بعد اتفاق حكومي نقابي.. هل يتوقف إضراب معلمي المغرب؟
رغم توصل الحكومة المغربية ونقابات قطاع التعليم لاتفاق في27 ديسمبر/كانون الأول المنصرم، بعد 10 أسابيع من إضراب المعلمين عن العمل، إلا أن بعض التنسيقيات لا تزال مستمرة في الإضراب.
والتنسيقيات هي تكتلات تعمل عمل النقابات، إلا أن الاختلاف بينها أن النقابات لها رخص قانونية، ما يسمح لها الجلوس على طاولة المفاوضات، عكس التنسيقيات.
وفي 27 ديسمبر تضمن الاتفاق بين الحكومة ونقابات التعليم "زيادات في أجور ومعاشات (تقاعد) المعلمين بحسب فئاتهم، مثل منحة سنوية للعاملين في مناطق نائية بنحو 5000 درهم (500 دولار)"، وفق بيان مشترك صادر عن الطرفين.
كما تضمن الاتفاق حذف "عقوبات نص عليها (مشروع) القانون"، بالإضافة إلى "إضفاء صفة الموظف العمومي على كافة العاملين بقطاع التربية الوطنية"، ما يعني حذف صفة المعلمين المتعاقدين.
والنقابات التي وقعت الاتفاق مع الحكومة هي: النقابة الوطنية للتعليم (تابعة للكونفدرالية الديمقراطية للشغل)، والنقابة الوطنية للتعليم (تابعة للفيدرالية الديمقراطية للشغل)، والجامعة الوطنية للتعليم (تابعة للاتحاد العام للشغالين)، والجامعة الوطنية للتعليم (تابعة للفيدرالية الوطنية للتعليم)، والجامعة الحرة للتعليم.
جدل مستمر
في الوقت الذي عادت بعض النقابات والمنتسبين إليها إلى العمل، لا تزال بعض التنسيقيات مضربة عن العمل، وبين هذا وذاك، تطالب جمعيات آباء وأولياء التلاميذ (غير حكومية)، بـ"ضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة، لأن التلاميذ ضحية شد الحبل ما بين الحكومة والتنسيقيات".
وقال خالد البكاري، الباحث المتخصص في الشأن التعليمي إن هناك "اختلافا بين عمل النقابات والتنسيقيات في قطاع التعليم".
وأضاف البكاري للأناضول أن النقابات "محكومة بما هو تنظيمي والتزامات أخرى، في حين أن التنسيقيات غير محكومة بما هو تنظيمي، وهو ما يفسر استمرار إضراب التنسيقيات، في حين دعت النقابات المنتمين إليها إلى العودة إلى مقاعد الدراسة.
وأعرب عن توقعاته بـ"أن يتراجع زخم الإضرابات خلال الأسابيع القليلة القادمة، لسببين اثنين، الأول مرتبط بالتنسيقيات التي لها مطالب كثيرة وتسعى إلى تحقيقها في زمن قياسي، وهو أمر صعب بالنظر إلى إكراهات (صعوبات تمويل) الحكومة من جهة، وإكراهات تشريعية، بحكم أن تغيير القوانين يأخذ وقتا".
وبحسب البكاري، فإن السبب الثاني "مرتبط بالصراع ما بين التنسيقيات نفسها، والذي بدأ يظهر في الأيام التي تلت التوقيع على اتفاق بين النقابات والحكومة، حيث إن الوحدة التي تعتبر قوة هذه التنسيقيات بدأت تتلاشى، وبدأت تظهر بعض الاتهامات المتبادلة".
مسؤولية مشتركة
وأشار البكاري إلى أن "الحكومة والنقابات تتحمل مسؤولية تأخر الدراسة لـ10 أسابيع، فيما تتحمل الحكومات السابقة مسؤولية الوضع في التعليم حاليا، خاصة أن هناك ملفات بالقطاع عمرت طويلا".
ولفت إلى أن "هذا الإضراب الذي دام طويلا لا يمكن تحميل مسؤوليته للمعلمين فقط، أو لوزارة التربية الوطنية التي فشلت في إدارة الحوار، بل إن المسؤولية مشتركة".
وأوضح أن مسألة التعليم في البلاد، مسؤولية الدولة التي يجب أن توفر جميع الظروف لتقوية القطاع، في حين أن التلاميذ هم من يدفع ضريبة هذا الإضراب المتواصل، خاصة أنهم لا يزالون يعانون من تبعات توقف الدراسة خلال فترة كوفيد 19".
الحكومة لم تشرك التنسيقيات بالحوار
بدوره، قال فيصل العرباوي، عضو التنسيق الوطني لقطاع التعليم (غير حكومي، يضم نحو 26 تنسيقية) إن الحكومة تراجعت عن الزيادة في أجور المعلمين بـ 1500 درهم (150 دولار) في الشهر، بعدما وعدت بذلك.
وأضاف العرباوي للأناضول أن الحكومة "لم تشرك التنسيقيات في الحوار، ولم تشركهم في تعديل القانون المنظم للمعلمين، لذلك هناك استمرار في الإضراب".
وفي 10 ديسمبر اقترحت الحكومة زيادة شهرية مقدارها 1500 درهم للمعلمين، إلا أن الاتفاق الأخير في 27 من نفس الشهر، لا يتضمن هذه الزيادة.
وبخصوص مطالب الأسر المغربية بضرورة عودة المعلمين للتدريس والبحث عن آليات أخرى للإضراب، حتى لا يذهب التلاميذ ضحية الصراع ما بين الحكومة والتنسيقيات، قال العرباوي إن "التنسيقيات منفتحة على جميع المقترحات، إلا أنها تريد الجلوس مع الحكومة لإيجاد حلول".
وفي 27 سبتمبر/ أيلول الماضي، صدقت الحكومة على مشروع النظام (القانون) الأساسي لموظفي التعليم، الذي يقول المعلمون إنه يستثنيهم من بعض التحفيزات والامتيازات.
ويطالب المعلمون والأساتذة بزيادة في الأجور والتعويضات بما يحمي القدرة الشرائية، مؤكدين ضرورة إعادة النظر بمقتضيات النظام الأساسي الجديد، بما يحقق الإنصاف لكل الفئات، ويرتقي بأوضاعها المادة والاجتماعية.