لماذا لا نعلن عن يوم عالمي لإسقاط المعايير المزدوجة؟
كعادته كل عام خلد العالم الذكرى السنوية لاعتماد الأمم المتحدة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، خلدها هذا العام، في يوم 10 ديسمبر 2023، على أشلاء المزيد من شهداء واحدة من أفظع وأبشع مجازر الإبادة في تاريخنا الحديث.
إنه لمن المستفز حقا أن يحتفي العالم باليوم العالمي لحقوق الإنسان في مثل هذا اليوم، وهو يتفرج ـ لحظة بعد لحظة ـ على واحدة من أفظع وأشنع جرائم الإبادة التي ترتكب في تاريخنا الحديث.
قبل 75 عاما من الآن، وتحديدا في يوم 10 ديسمبر من العام 1948، وفي ظل أجواء النكبة التي تعرضت لها فلسطين في ذلك العام، والتي كان يقف وراءها "رعاة" الإعلان العالمي لحقوق الإنسان تم اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي اليوم الموالي، أي في يوم 11 ديسمبر 1948 أصدرت الأمم المتحدة قرارها رقم 194 القاضي بحفظ حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم التي هُجِّروا منها في تلك الفترة.
لم ينفذ حتى الآن هذا القرار الأممي رغم مرور 75 عاما على إصداره، ولم يعد اللاجئون الفلسطينيون إلى ديارهم التي هُجروا منها في العام 1948، بل على العكس من ذلك فها هم اليوم يتعرضون لجريمة إبادة أخرى، وإلى محاولة تهجير أخرى على مرأى ومسمع من "رعاة" الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بل وبدعم عسكري ودبلوماسي واقتصادي سخي من بعض "رعاة" ذلك الإعلان!!
ولعل من المصادفات اللافتة أن يتزامن اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان مع نكبة الشعب الفلسطيني، وأن تتزامن ذكرى تخليده الخامسة والسبعين مع يوم جديد من أيام حرب الإبادة الجديدة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر من العام 2023.
إنه لمن المستفز حقا، أن يخلد العالم اليوم العالمي لحقوق الإنسان بعد يومين من استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لحق النقض (الفيتو) لمنع تمرير مشروع قرار يقضي بوقف إطلاق النار في فلسطين.
لقد أثبتت أمريكا والتي كثيرا ما تتحدث باسم "الضمير العالمي" و "المجتمع الدولي"، وذلك بعد أن نصبت نفسها وصية على "القانون الدولي"، لقد أثبتت أمريكا أنها لم تعد مؤهلة لا أخلاقيا، ولا سياسيا، ولا دبلوماسيا للاحتفاظ بحق النقض، وذلك بعد تكرار استخدامها لهذا الحق لإفشال أي محاولة لوقف جرائم إسرائيل المستمرة ضد الشعب الفلسطيني منذ أكثر من 75 عاما.
لقد آن الأوان لأن نتوقف نهائيا عن تخليد اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وعلى الشعوب العربية والإسلامية في العالم أن تُبدل هذا اليوم بيوم عالمي لإسقاط ازدواجية المعايير ، وهي الازدواجية التي تجعل من الإنسان العربي و المسلم إنسانا من الدرجة الثانية أو الثالثة، لا حقوق له في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
لقد آن الأوان لأن نجعل من يوم 10 ديسمبر من كل عام يوما عالميا لإسقاط ازدواجية المعايير، والكيل بمكيالين، نخلده كل عام، وندعو كل أحرار العالم أن يخلدوه معنا، ونستمر في ذلك إلى أن يقتنع "العالم المتحضر" بأن الإنسان العربي والمسلم هو أيضا إنسان، وله حق التمتع بالحقوق المسطرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
حفظ الله فلسطين..
محمد الأمين الفاضل
Elvadel@gmail.com