عندما يبتعد "إنصاف المدرسين" عن الشعاراتية

محمد محمذ فال

قبل أكثر من أربعة أعوام أعلنت الحكومة الموريتانية عن رغبتها في انتقاء 5030 مقدم خدمة تعليم بين معلم وأستاذ بهدف سد النقص الملاحظ في الطواقم التعليمية في الولايات الداخلية.

شارك في مسابقة إنتقاء هؤلاء المدرسين التي نظمت على مرحلتين في أكتوبر 2019، وفبراير 2020 أكثر من 12 ألف متسابق، وانتقي في نهاية المسابقتين أكثر من 3 آلاف مقدم خدمة تعليم وزعوا بين جميع الولايات وسط ظروف قاسية يطبعها تدني التعويض الشهري (60 ألفا للمعلم، و 70 ألفا للأستاذ)، والحرمان من التأمين الصحي، وجميع العلاوات باستثناء علاوة البعد.

مع نهاية العام 2020 خاض هؤلاء المدرسون المستضعفون سلسلة من النضالات احتجاجا على معاناتهم بلغت ذروتها بتنفيذ اعتصام دام أكثر من شهر أمام مبنى وزارة التهذيب الوطني، ثم دشنوا لاحقا سلسلة إتصالات مع مختلف قادة الطيف السياسي موالاة، ومعارضة، وكان من حسن الحظ أن التقوا في نهاية شهر فبراير 2021 رئيس الفريق البرلماني السابق للحزب الحاكم الأستاذ جمال ولد اليدالي الذي أصغى بعناية إلى هموم ومشاكل هؤلاء المدرسين، وتعهد لموفديهم بتوصيل هذه المعاناة، مباشرة إلى فحامة رئيس الجمهورية دون تحريف، ونقل أجوبة فخامة الرئيس حول الموضوع إلى المجموعة.

رئيس الجمهورية - وفق ما نقل النائب ولد اليدالي - استغرب من هذه الوضعية، وكلف مدير ديوانه الأسبق وزير الداخلية الحالي بحلحلة الأزمة، والتنسيق مع الحكومة حول الموضوع، وإلزامها بترسيم هؤلاء المدرسين قبل انتهاء مأموريته الأولى بشرط احترام النصوص التنظيمية للوظيفة العمومية، وقد نفذ مدير الديوان هذ التوجيه الرئاسي السامي بالكثير من الأريحية، والصرامة. 

في 28 من مايو 2021 عقد حوار مباشر بين وزير التهذيب الأسبق محمد ماء العينين ولد أييه، وممثلين عن مقدمي خدمة التعليم حضره النائب ولد اليدالي بصفته وسيطا، منتدبا من طرف حزبه، وشخصا محل ثقة عند مقدمي خدمة التعليم، وأسفر الإجتماع المذكور عن اتفاق الطرفين على تنفيذ خريطة ترسيم تدريجي لمقدمي خدمة التعليم تنفذ على مدار أربع سنوات بواسطة مسابقة فورية.

وإلى اليوم (22 نوفمبر 2023) رسم تنفيذا لذلك الإتفاق 2761 مقدم خدمة تعليم بين معلم وأستاذ من أصل 3284 أي ما يمثل نحو 84% وذلك على النحو الآتي:

- 672 رسموا عبر مسابقة فورية نظمتها اللجنة الوطنية للمسابقات  2022. 

- 1175 رسموا بنفس الطريقة في النصف الأول من العام الجاري.

- 912 رسموا في الأيام القليلة الماضية على حساب الميزانية المعدلة لهذ العام.

إن المعطيات المنشورة أعلاه تظهر بجلاء نمطا فريدا من الإنصاف جسده فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني، وابتعد نمط الإنصاف هذا عن الشعاراتية، ومس حياة آلاف المدرسين، وبالضروة أسرهم، ومعارفهم، وللأمانة فقد حاز شرف السبق في بلورة تتفيذ هذا المنجز عدة شخصيات من المحيطين، والمعاونين لرئيس الجمهورية يتصدرهم مدير ديوانه الأسبق وزير الداخلية الحالي محمد ولد محمد الأمين الذي واكب تتفيذ هذ التوجيه الرئاسي، وتدخل أكثر من مرة لتذليل بعض العقبات التي اعترضت تنفيذه، يليه النائب البرلماني جمال ولد اليدالي الذي كان نعم الوسيط المؤتمن، ثم وزير التهذيب الأسبق محمد ماء العينين ولد أييه الذي حرص عند بدء تتفيذ ترسيم هذه الفئة المستضعفة من المدرسين على فرض  "كوتا" ترسيم سنوية مقدرة (1200 مقعدا)، ورابعهم وزير التهذيب السابق إبراهيم فال ولد محمد الأمين الذي سعى وتدخل عند أصحاب القرار حتى استفاد مقدمو خدمة التعليم من زيادة الأجور التي منحها رئيس الجمهورية الموظفين في نوفمبر الماضي، وأخيرا وزير التهذيب الحالي المختار ولد داهي الذي واكب، وحرص على تنظيم مسابقة ترسيم ثالثة على حساب ميزانية العام الحالي المعدلة، ويحرص منذ اطلاعه على حيثيات الملف على بذل كل جهد ممكن في سبيل تسريع اكتمال ترسيم مقدمي خدمة التعليم.

 

28 November 2023