نعم.. هذا نصر مبين

أ. أحمد الوديعة - إعلامي وكاتب

حين استيقظ النتن فزعا على صورة كيانه تتداعي كبيت العنكبوت في السابع من أكتوبر المبارك؛ فزع يصرخ مجنونا يعد بالثأر والثبور فدخل في حربه المجنونة التي تولى بايدن قيادة أركانها (انتهت في النهاية أركان هزيمة).

 

سبعة أربعون يوما استخدم فيها النتن كل ما في جعبته من قتل ودعم من أنظمة البغي العالمية وكيانات العجز والخذلان في عالم المسلمين، وفي النهاية ها هو يوقع مكرها - وما كان يوما بطلا - على ما كانت المقاومة اقترحته منذ البداية، لن يجد أسراكم النور إلا حين يتحرر أسرانا، ولكم الخيار بين الجملة أو التقسيط، ولأنه ذليل ومرتعش وجبان، فقد عجز عن اختيار الجملة، فقبل متسللا خيار التقسيط.

 

ستخرج خلال ساعات من سجون الاحتلال نساء فلسطينيات مقاومات مؤمنات صامدات عزيزات النفس، وبرفقتهن فتية آمنو بربهم فهداهم سبيل المقاومة وأخذ بأيديهم لسبل العز.

 

نعم، سيخرجون لتنفس أوكسيجين حرية نالوها باصطفاء العزيز الجبار آلاف الشهداء من شعبنا العظيم تكريما لهم على صدقهم وتحضيرا لهم وبهم لموعد استحقاق كبير لنصر يليق بأربعة عقود من جهاد عنوانه: "جهاد.. نصر.. أو استشهاد".

 

هذا وقت الفرح بنصر الله، وما النصر إلا من عنده، فلا قدرات المقاومة ولا معطيات موازين القوة تسمح بتخيل ما حصل ويحصل، ولكنه وعد الله الذي لا يخلف بنصر من ينصره، وبمنع النصر عن من يحق عليه الخذلان الإلهي.

 

لم تنته المعركة بعد، ولكن الساعات والأيام القادمة فيها ساعات حمد وشكر واحتفاء بالانتصار (لو كنت مفتيا لافتيت بحرمة ما سوى ذلك) فهذا انتصار نعم وليس في الأمر تكلف ولا مبالغة.

- انتصار لأن العدو المدجج بكل عناصر القوة المادية فشل في تحقيق أهدافه (فالمقاومة تضرب أنى أرادت وحيث أرادت بمعية الله وتسديده)

- انتصار لأن شعب فلسطين العظيم تمسك بأرضه ولم يقبل برغم ما ألقي عليه من حمم أن يفارقها (لقد فشل مشروع التهجير، وكان الصهاينة يظنون أنهم قادرون عليه وغرتهم في ذلك أمانيهم وأغراهم به شيطانيهم من خدمهم الجبناء).

- انتصار لأن القضية انتقلت من حالة تراجعت فيها إلى مجرد قضية من عشرات القضايا في ذاكرة أمة مضرجة بالجراح ومكبلة بأنظمة الدون والهوان إلى أن أصبحت قضية كل إنسان في قلبه مثقال ذرة من إيمان بقيم الإنسانية، وبالطبع استعادت مكانتها قضية المسلمين (سأزعم أنها الآن وصلت لمكان لم تصله قط، فهي المهيمنة الآن على مشاعر ووجدان المسلمين عبر المعمورة، تتناسق ألسنتهم وألوانهم ومشاربهم في التعبير عن حبها والتعلق بها والاستعداد كل الاستعداد للجهاد لتخليصها من دنس الاحتلال العنصري البغيض الآثم).

- انتصار لأن أنظمة الهوان التي كانت (وكثير منها ما زال - أزالها الله عنا وأراحنا منها)، توجد اليوم في وضع يليق بخورها (تتوارى من الشعوب من عجزها وخورها) وتدرك أن يوم حسابها قادم (حصتها من الطوفان ستصل ولن تفلت من أمر الله؛ إنها عمل غير صالح).

- انتصار لأن المقاومة على الأرض اعتصمت بحبل الله فثبتها وسددها فلقنت العدو من المسافة صفر ضربات موجعة، سيجد الآن في ساعات الهدنة فرصة لفحصها والتدقيق فيها في جحر الديك ليدرك حجم تورطه الذي يسميه جنونا توغلا.

- هو انتصار، نعم، لأن مدرسة إيمانية تزكوية فتحت للإنسانية، وها هي ذي تدخل في دين الله أفواجا، لقد طهر الطوفان أجهزة استقبال البشرية للوحي فالتقطت معانيه، وأشرقت بأنواره، فطفقت تركل الفراعين، وتتوب عن ما أكرهوها عليه من السحر.

 

إي والله، إنه انتصار لأنه أظهر بمشاهد تابعها الملايين أن الحق منتصر ومنصور لأنه حق، وأن الكيان الذي ثبت وجوده لعقود بأساطير القوة الخارقة كيان ضحل هزيل مهزوز، وأن نهايته التي استشرف القائد المؤمن ببصيرة المجاهد المسدد الشيخ أحمد ياسين وشيكه قريبة.

 

ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

 

22 November 2023