طعنة الظهر عزيمة للنصر

حين تسارع العالم إلى خذلان فلسطين والتطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب؛ مبررين ذلك بأعذار واهية. قال لي أحد الأصدقاء: لهم أعذار مثل كيت وكيت!

 

‏فقلت له: تلك الأعذار - ينبغي لها أن تظل مقدرة - منع من ظهورها ثقل التخاذل على نفس الرجل الشهم، فضلا عن المؤمن الأشم؛ وانشغال المحل بمقاومة الكيان المغتصب؛ وإزالة القرار المنتدب.

 

‏ومهما كانت تأويلات التطبيع لصالح، فلسطين؛ فليست بعذر بحال، إلا أن يكون تطبيعا من أجل أن تصبح عينا على الأعداء لصالح الأشقاء، وذاك وإن كان ممكنا - أو موجودا - فهو نذر يسير، والنادر لا يقاس عليه.

 

‏وفكرت في إعجاز حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (تَرَى المُؤْمِنِينَ في تَراحُمِهِمْ وتَوادِّهِمْ وتَعاطُفِهِمْ، كَمَثَلِ الجَسَدِ، إذا اشْتَكَى منه عُضْو تَداعَى له سائِرُ جَسَدِهِ بالسَّهَرِ والحُمَّى).

 

‏فقلت الواقع المشاهد أن الجسد كما يسهر له جميع الأعضاء بالتوجع؛ فكذلك يأخذ بعضها أضعاف العزم عند الشلل؛ فمن فقد يدا كانت العزيمة والبركة في اليد المتبقية وكذلك من فقد البصر عوضه الله بدقة الإدراك والسمع.

 

‏فقياسا على ذلك ارتأيت مزيدا من عزم المقاومة على النصر، بعد تخاذل بعض البشر.

 

‏ولا شك أنه كلما قل المعين، اشتدت عزيمة طالب الحق، ولذلك لا يضيع حق وراءه طالب يصر على المطالبة به مستعينا بالصبر والحزم والعزم.

 

‏ولا شك أن طوفان الأقصى الذي نشاهده ليس سوى عزم المخلصين من الأمة لتحرير الأقصى، رغم كثرة المتخلفين والقاعدين.

 

‏وعملية طوفان الأقصى استثنائية في حجمها وتوقيتها وشموليتها، وسوت بالأرض بكبرياء الكيان الغاصب الظالم؛ وأرعبت المستوطن، وأحرجت المطبع، وأثلجت صدور قوم مؤمنين.

 

‏وإن لم نسمها يوم الفرقان فتستحق أن يتم تمييزها بالفارقة.

 

‏فرقت بين الصفوف؛ استبشر المؤمنون بنصر الله؛ وذعر الصهيونيون والمتصهينون؛ والله نسأل {أَن یُتِمَّ نُورَهُۥ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡكَـٰفِرُونَ}.

 

‏إنها الفارقة بين المحتل الذي لا يقهر؛ وبين الكيان الذي أذله عشرات من رجال المقاومة الأشداء بين منتصرين وشهداء.

إنها الفارقة في تاريخ المقاومة حقا فما بعد عملية طوفان الأقصى ليس كما قبلها.

بعد عملية طوفان الأقصى، يتم العد التنازلي لزوال الكيان الصهيوني، قد يستمر لعقود أخرى ولكنه زائل لا محالة.

 

‏فالشكر لأبطال غزة على أداء واجب الكفاية عن الأمة؛ وإن كان ما زال الواجب قائما ينتظر المزيد من المخلصين من هذه الأمة النجيبة.

 

‏نسأل الله أن ينصر أبطال عملية طوفان الأقصى؛ وأن يتحرر الأقصى عاجلا غير آجل.

والله نسأل أن يكون هذا النصر موحدا للأمة الاسلامية حول قضاياها وبالأخص قضية الأقصى المبارك؛ أولى القبلتين وثالث الحرمين؛ ومسرى نبينا عليه الصلاة والسلام، فينبغي أن تتوحد الأمة الاسلامية جمعاء عربها وعجمها من جميع القارات لتحريرها.

 

‏وإن احتلال الأقصى المبارك؛ عار على البشرية كلها وخاصة الأمة الإسلامية. ‏فينبغي على دول التعاون الإسلامي إجبار الدول الأخرى على الاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس.

 

‏بدون الاعتراف العالمي بقضية فلسطين وقضايا الأمة الاسلامية جمعاء؛ يعيش العالم في ظلم وازدواجية معايير؛ لا يمكن أن تأتي بالعدل والسلام المنشود.

وعلى كل حال، الأقصى منتصر بعز عزيز أو بذل ذليل؛ وعليك أيها القارئ أن تختار كفتك العز بعد النصر أو الذل بعده.

 

عمر مختار الأنصاري - نيامي - جمهورية النيجر

 

15 October 2023