وثيقة التكتل وتقدم: انقلاب انتخابي على رئاسيات 2024
خرج حزبا تكتل القوى والديمقراطية و اتحاد قوى التقدم من انتخابات 13 مايو بنتيجة صفرية، أحلتهم دار البوار رغم اربع سنوات من الارتماء في أحضان السلطة، و الابتعاد عن هموم المواطن وتطلعاته التي كانت شغلهم الشاغل في الميدان وعبر الاعلام، و بناء الحواجز و الخلافات مع المعارضة ليخلو لهم وجه ولد الشيخ الغزواني و نظامه، فكانت النتيجة أن المسيرة نحو السلطة تتطلب المزيد من النزول نحو القاع.
لم يكن الحزبان وحدهما من واصل النزول نحو منحدر القاع، فنظام الرئيس محمد الشيخ الغزواني رغم استثماره في جو خدعة التهدئة ومسار الحوارات التي تتوقف من جانب واحد، و حوار الداخلية و اشراك المعارضة في تشكيل المستقلة للانتخابات كل ذلك كانت نتيجته إجماع من المعارضة وجزء كبير من الموالاة على تزوير انتخابات الثالث عشر من مايو، فنظام ولد الشيخ الغزواني يدرك أن ثلثي اعضاء البرلمان وكل رؤساء المجالس الجهوية، و الغالبية العظمى من العمد و المستشارين لاتمنح الشرعية ولاالمشروعية، لذا فالمخرج من اشكالية اللاشرعية تؤرقه في وجه انتخاباته الرئاسية، وتوحي بتصاعد الأزمة السياسية.
التقت إرادة الحزبين مع الرئيس محمد الشيخ الغزواني في العمل على وثيقة تعيد الاعتبار للهدنة التي سئمها الناس، من أجل الحصول على امتيازات معنوية ومادية مقابل منح نظامه على طبق من ذهب ماض سياسي حافل بالتضحيات ورمزية تاريخية لكبار قادة الفعل المعارض الصادق في البلاد، لتكون شماعة يعلق عليها حواراته القادمة و انتخاباته من أجل الحصول على مصداقية لمأموريته الثانية.
الموجع في الأمر أن التقاء ارادات هذه الأطراف على حد تعبيرهم، لم تقتصر على تخلي الحزبين عن مواقفهم النضالية المبدئية، بل تجاوزته لشيطنة أي فعل معارض قد يقوم به غيرهم، متناسين أنهم دفعوا في السابق ثمن الشيطنة، و القبول بتمكين المفسدين من كل الأنظمة، ومصادرة الحريات وتدجين الاحزاب و النخبة، مستأنسين في ذلك على تحليل جيوسياسي سطحي لا يعبر عن تشخيص دقيق للصراع في المنطقة و لا عن حالة التصادم الاجتماعي الداخلي و لا عن سوء الحكامة و غياب الأمل وغيرها من العوامل التي هي المحرك الحقيقي للنزاعات في المنطقة.
وحقيقة الأمر أن الوثيقة أو المسودة الهزيلة على الأصح، عبارة عن محاولة مفضوحة لتثمين مأمورية ملها الناس وعانوا فيها من فشل سياسة النظام الفاقد للبوصلة والعاجز عن الخروج من عباءة سلفه، كما يراد لها أن تسهم في التهيئة لحملة سابقة لأوانها للمأمورية ثانية والتسليم بنجاح ولد الغزواني مسبقا، و إلا فلماذا ملحق من سبعة عشر نقطة فشلت أربع سنوات في تحقيق أي تقدم فيها، ستتحقق خلال شهرين؟!
مؤسف أن تكون خاتمة مسيرة ثلاثة عقود من مصارعة الأنظمة العسكرية عبارة عن شيطنة للمعارضة و المساهمة في تمكين عسكري فاشل وعاجز، فهو لعمري اشبه بقصة المثل الشعبي القائل (صام اسن وأفطر اعل اجرادة) .
عبد الناصر بيب