حول مداخلة النائب محمد بوي

ها هو محمد بوي ولد الشيخ محمد فاضل، النائب المعروف بخروجه عن المألوف وبميله لمواقف لا تحظى دائما بالإجماع، بل ويعتبرها البعض بالمستفزة أحيانا، ينفرد بخرجة جديدة هزت قبة البرلمان وقسمت الرأي العام.

 

فباسم الدفاع عن جناب الرسول صلى الله عليه وسلم، ودون حذر، أعاد النائب العبارات المسيئة، التي وردت في إجابة أحد المترشحين للبكالوريا، كان ربما الأولى تجنب تكرارها وعدم نشرها.

 

وهو، كما يُفْهَمُ من سياق كلامه، إنما أراد أن يوازي بين ردة فعل الحكومة التي بدت خجولة وضعيفة حسب البعض، أمام الإساءة للمقام الكريم، وبين سرعة تصرفها لو تعلق الأمر بالدفاع عن رئيس الدولة، في حال الإساءة إليه. و هو توقع في محله، كما أثبتت الأحداث اللاحقة.

 

صحيح أننا قد نلمس نوعا من الشعبوية في المداخلة المذكورة التي كان أحرى أن يتم تفاديها. كما تضمنت عبارات غير لائقة وصادمة بالنسبة للموريتانيين، الذين اعتادوا على تناول مثل هذه المواضيع باستحياء، إلا أن ذلك لا يبرر أي متابعة.

 

لا يمكن نزع الحصانة أو مقاضاة نائب لمجرد أنه عبر عن موقف أو طرح سؤالا بطريقة قد تبدو للبعض غير حكيمة، لاسيما إذا كانت نيته واضحة. والنية عنصر أساسي في الحكم على أفعال الناس، سواء في الشريعة أو في القانون الوضعي. لذلك، من غير العادل التحامل على النائب محمد بويا فقط على هذا الأساس.

 

من الواضح أن الحكومة تود، من خلال هذه الملاحقة التعسفية، أن تجعل من ولد محمد بويا مثالا، لإرهاب النواب وحثهم على عدم انتقاد النظام. وفي هذا الإطار، بات قانون الرموز" الشهير سلاحا تستغله الحكومة لقمع من تجرأ على انتقادها أو الخروج عن ما تصفه بالخطوط الأحمراء.

 

يتضمن هذا النص بالتأكيد أحكاما يدعمها الجميع، لكنه في نفس الوقت يفتح الطريق للتأويلات والتجاوزات الجسيمة، مثل محاولة تكميم أفواه بعض الصحفيين والمدونين والنشطاء الذين يعتبرهم النظام جسورين. غير أن الخطأ الرئيسي لهذا القانون هو أنه يرفع رئيس الدولة إلى مرتبة أيقونة شبه المقدسة.

 

في ظل هذه الظروف، أعبر عن تضامني بصوت عال مع النائب محمد بويا ولد الشيخ محمد فاضل، على أساس نيته، التي لا لبس حولها، بغض النظر عن الطريقة التي عبر بها عن أفكاره، إذ يشكل رفع الحصانة عنه سابقة خطيرة، ستضعف البرلمان وتقوض قدرته على لعب دوره في رقابة العمل الحكومي.

 

نحن نحتاج إلى نواب مثل محمد بويا، لمواجهة هيمنة السلطة التنفيذية وسيطرة رموز الفساد، نواب يفهمون العلاقة بين السلطة التنفيذية والبرلمان ودور هذا الأخير في مراقبة العمل الحكومي. فمساءلته الأخيرة لوزير العدل في اللجنة البرلمانية المكلفة بشؤون السيادة تعتبر درسا في العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، حيث بين ببراعة الفرق بين الإجابة على أسئلة ممثلي الشعب في البرلمان وأسئلة خلال مؤتمر صحفي.

 

وأنا، إذ أتمنى له حظا سعيدا بالنسبة للمتابعة القضائية التي تلوح في الأفق، أود أخيرا أن أنصحه بأن يبتعد عن الشعبوية وأسلوب المزايدة وثقافة المسرح السياسي.

 

كما أدعو، في نفس الوقت، رئيس الجمهورية إلى وضع حد لهذه التمثيلية المخلة للديمقراطية، فلدينا الكثير من الأولويات الملحة والعمل لإنجازه بدل تضييع الوقت في مثل هذه المتاهات.

 

محمد المنير

 

27 July 2023