حراك مكثف على خط الجزائر باماكو لإنقاذ اتفاق السلام في مالي
شهد محور الجزائر باماكو حراكا كثيفا خلال الأيام الأخيرة لتحصين اتفاق السلم والمصالحة لعام 2015 من الانهيار في ظل وضع هش في مالي الجارة الجنوبية للجزائر.
ومنذ ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تبادل مسؤولون من البلدين زيارات ورسائل عديدة كان محورها "جهود إحلال السلم والمصالحة في مالي".
وترتبط الجزائر مع مالي بحدود برية تفوق 1000 كيلومتر، وتقود لجنة متابعة اتفاق السلام بين الحكومة المركزية في باماكو ومسلحي حركات الأزواد (طوارق) شمالي البلاد.
وفي 2014، احتضنت الجزائر مفاوضات بين الطرفين توجت بتوقيع اتفاق سلام في يونيو/حزيران من العام التالي في ما عُرف بـ"مسار الجزائر".
ومن أهم ما ينص عليه الاتفاق بين الحكومة والمتمردين توسيع الحكم الذاتي في الشمال ودمج المقاتلين في الجيش، غير أن التطبيق يسير بوتيرة بطيئة بحسب الحركات المتمردة.
رسالة حركات الأزواد
والخطوة التي حركت المساعي السياسية الجديدة في هذا الملف هي رسالة تلقاها وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، من تنسيقية حركات الأزواد وهي تضم التنظيمات المتمردة شمالي مالي.
ومضمون الرسالة هو الدعوة إلى اجتماع طارئ مع كل الوسطاء الدوليين في مكان محايد لبحث قضية اتفاق السلام لعام 2015.
وورد في الرسالة أن هذه الحركات "ممتنة للجهود التي بذلها الوسطاء الدوليون بقيادة الجزائر والتي أدت إلى توقيع الاتفاق منذ سنوات".
تحرك الوساطة الجزائرية
بعدها بأيام، دعت الجزائر التي تقود الوساطة الدولية في هذا النزاع إلى اجتماع للوسطاء الدوليين بتاريخ 16 ديسمبر/ كانون الأول الماضي توج ببيان يؤكد ضرورة "الشروع في تقييم واضح للوضع الحالي لتنفيذ اتفاق السلام".
ودعا الأطراف الموقعة على الاتفاق إلى "بذل كل الجهود اللازمة لتهيئة جو من الثقة والاحترام المتبادل وإبداء التزامهم القوي بشكل عاجل وصادق لتحقيق الأهداف المذكورة في الاتفاق".
وفي 10 يناير/ كانون الثاني الجاري، زار لعمامرة باماكو و"أجرى لقاءات ثنائية ومتعددة الأطراف ذات الصلة بالعلاقات الجزائرية-المالية وجهود إحلال السلم والمصالحة في مالي"، بحسب بيان للخارجية الجزائرية.
والتقى لعمامرة مع رئيس مالي خلال الفترة الانتقالية العقيد أسيمي غويتا وأبلغه مضمون رسالة شفوية من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.
وهذه الرسالة، وفق البيان، "تندرج في إطار السعي المتواصل لتعزيز علاقات الأخوة والتعاون بين البلدين الشقيقين وتسريع وتيرة تنفيذ اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر لما له من أهمية قصوى في الحفاظ على وحدة وسيادة واستقرار جمهورية مالي والمنطقة برمتها".
كما عقد لعمامرة، خلال الزيارة، اجتماعا في مقر سفارة بلاده لمجموعة الوساطة الدولية حول مالي، وهي تضم ممثلين عن دول الجوار والأعضاء الدائمين في مجلس الأمن الدولي وهي الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.
وتضم هذه المجموعة أيضا المنظمات الدولية والإقليمية المعنية، خاصة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) ومنظمة التعاون الإسلامي.
وهذا "الاجتماع خُصص لاستعراض السبل الكفيلة بمرافقة الأطراف المالية نحو تجاوز التحديات الراهنة والعمل على تحقيق نتائج ملموسة في إطار تنفيذ اتفاق السلم، لاسيما في ظل المرحلة الانتقالية التي يمر بها هذا البلد الشقيق"، بحسب البيان.
وتعيش مالي مرحلة انتقالية بسبب انقلابين عسكريين متتاليين في أغسطس/ آب 2020 ومايو/ أيار 2021.
رئيس مالي يتمسك بالاتفاق
بعد أيام من زيارة لعمامرة لباماكو، زار وزيران من مالي الجزائر في 15 و16 يناير/ كانون الثاني الجاري، وهما وزير الخارجية والتعاون الدولي عبد اللاي ديوب ووزير المصالحة والسلم العقيد الركن إسماعيل واق.
وأجرى الوزيران محادثات مع لعمامرة، كما استقبلهما الرئيس تبون.
وعقب لقائه مع تبون، قال ديوب في تصريح إنه نقل إليه "التزام رئيس مالي العقيد أسيمي غويتا بمواصلة الجهود لدعم الدور الجامع الذي تلعبه الجزائر في توحيد صفوف الماليين"، وفق مقطع مصور نشرته صفحة الرئاسة الجزائرية على "فيسبوك".
وأضاف أن حكومة بلاده "تسعى لإحلال السلم وتوحيد الصفوف والتركيز على مسائل التنمية والأمن لتمكين الشعب المالي من العيش في أمان".
الأناضول