حديث عزيز.. والاستثمار في الزهايمر
استحلى الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز - على ما يبدو - السوشيال ميديا، وأمسى كطفل يستكشف مجسم لعبته، فيضغط على كل زر ليعرف دوره.. حتى ولو سقط في فخ جهله وتكسرت لُعبه واحدة تلو الأخرى..
وصار له موعد أسبوعي - كمجلس الوزراء - يغسل فيه نضار الحقيقة بخليط الافتراء وادعاء ما لم يكن..
صحيح أن الشعب الموريتاني لا يتمتع بذاكرة جمعية قوية، ويفضل تَناسي المواقف السيئة، حفظا للود، وأملا في المستقبل، وردما لأيام الجفاء.. إلا أن ما يقوم به عزيز إيغالٌ سمج في إذلال تلك الذاكرة ولمّا ينجلِ غبار آثاره (الجُعالية) بعد..
يحاول عزيز أن يقول إنه ترك موريتانيا - التي أكلها لحمها ومشش عظمها وباع مرقها واستخلص لنفسه وحاشيته ما لذ منها وطاب - جنةً غناء وواحة مخضرّة تثمل فيها الغصون ويمج الروض اليانع ذي العشب الندي الماءَ العذب..
مَن أفقر موريتانيا غيرك يا عزيز؟ من باع مدارسها وهجّر شبابها وخصخص شركاتها وجعل المال العام كخاصه وخاصته..؟
وحتى لا نلقي الكلام على عواهنه.. يكفي أن نعرف كيف أتيت وكيف ذهبت..
لقد جئتَ في ضحى أمل ما كنا نظن أن شمسه ستحرق، كان الجميع متفائلا.. والحياة رغدة، ولنا خطة عليها سائرون، يقودنا رجل طيب الخُلق والمعشر، شاب أطيباه وبقي منه العلم والحلم والخوف من الله.. كنا سنكون حققنا في 2012 الاكتفاء الذاتي من الحبوب الغذائية، وكانت عملتنا الوطنية - بعد كثير من التيه - قد وقفت على درج الارتفاع، أذكر أننا أيام سيدي كنا نود لو وجدنا مقابل الريال السعودي (57) أوقية فقط.. وقد استبدلناه يوم خروجك بـ101 أوقية..
أصبحت الدولة في زمنك شلوا ممزعا بين من ترضى عنهم من أهلك وخلانك.. واسترخصت الفقراء في حملتك ثم توليت عنهم شر متولّى..
فانهار الاقتصاد، وانتشر القتل، وانتُهكت الأعراض وسادت اللصوصية والحرابة، وفسد التعليم في سنته، وأدخلت البلد في أزمة سياسية استمرت عقدا من الزمن.. لم يلتقط فيها نفسه.. وساويت بين الذين يعلمون والذين لا يعلمون..
والمشاريع التي حصلت في ذلك العقد المشؤوم إما أنها رغما عنك، أو أنك أخذت منها العمولة المجحفة.. مباشرة أوبطريقة أخرى.. والشاهد القضاء!
كان الأولى بك أن تستتر بستر الله وأن تتدارك ما فرط من عمرك في استسماح مَن ظلمتهم واستنصاح ذوي العقل والرأي والمساعدة في إصلاح ما أثأته يدك غير الصناع..!
لن تنطلي علينا حيلُك من جديد، أنت ومِدرأك السعد، ولن تملك أدنى فرصة لسومنا سوء التسيير وعلاجِنا بداء التقتير.. فمثلُك لا يعلو بغير العنف والانقلابات.. تلك طريقتك التي تُجلّي فيها.. وبها تفوز..
ثم إن الرؤساء - في عرفنا - لا يعودون للبيت الرمادي، فقد سألها قوم من قبلكم، كالولاتي وهيدالة واعل.. وكانوا أكثر منك ناصرا وأمنع جندا.. فولوا يجرون أذيال الهزيمة المرة.. ويسكبون ما بقي في وجوههم من ماء.. ولم يعودوا للمحاولة!
أعرف أن الهدف من هذه "البثوث" هو تخفيف صدمة المحاكمة.. وتخفيت صوتها.. ولكن هذا موقف أوقفتَه نفسَك، فمكانك: تحمد أو تستريح!
"وال ما كال ش ما خاف ش"..
عبد الرحمن جار الله