النائب موسى ولد ابوه ولد سيد أعمر يكتب: البطل شبو
تثير حادثة إنقاذ الطفل محمد أحمد ولد محمد الملقب شبو، من حصار السيول الجارفة في بومديد ، بعد يوم وليلة من الرعب والرجاء، بطائرة تدخل خاص من سلاح الجو الموريتاني، و التي تحولت الى قضية وطنية ، عدة تساؤلات تقود الأجوبة عنها الى استخلاص عبر قد تفيد في التغلب على المشاكل والآثار الناجمة عن الحوادث الطبيعية أو التخفيف من آثارها:
هل السلطات الإدارية المحلية والجهوية والوطنية كانت على استعداد لمواجهة الكوارث والحوادث من أي نوع وخاصة في فصل الأمطار ؟ هل يوجد تنسيق حقيقي بين مختلف السلط والأرصاد الجوي؟ هل توجد فرق محلية للإقاذ؟
سأترك للمعنيين والمختصين الإجابة على تلك الأسئلة وما قد يتولد عنها من أسئلة أخرى، وأبدأ بالقول إنه في زمن العولمة وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد بالإمكان إخفاء أي حدث ذا بال..و كأن حادثة الطفل الموريتاني ، شبو ، تذكرنا بالطفل المغربي ريان..وها هنا تأخذ الحوادث أبعادا وطنية ودولية. وهكذا عشنا معا علوق طفلنا شبو بين السيول الجارفة ، كما عاش المغاربة حادثة الطفل ريان في غيابات جب بين جبال شامخات وعرة !
من منا لم يعش تلك الليلة الطويلة الرهيبة فوق التلال المشرفة على سد بومديد؟
ومن لم يكن منا هناك مع الطفل شبو بجسمه، لا شك أنه كان معه بقلبه وبروحه، لأننا جسد واحد لا نتجزأ،
و إن حبل الطائرة الذي أنقذ الطفل هو حبل الوطن الرابط لجميع مكوناته..
و تحية خاصة لشجاعة الطفل شبّو و لنبل العسكري سليمان جالو ..
و لعل من أهم الدروس التي علينا استخلاصها من هذه المحنة التي كما قلت آنفا تحولت الى قضية وطنية :
- بعد حمد الله أولا و أخيرا،
أن الدولة لا غنى عنها، لا القبيلة و لا الشريحة أنقذت شبو وهو على مرمى حجر منها؛
- كما عجز الساسة و رجال الأعمال والمال عن تقديم عون لطفل ضعيف تتهدده الأمواج لتهوي به في مكان سحيق؛
- أن مؤسسة الجيش هي ملاذنا بعد ربنا سبحانه. وهي الماسكة بوحدتنا وسلامتنا وأمننا.. فلتجد هنا تحياتي وإجلالي لكل أفرادها عامة وللطاقم الذي أشرف أو تدخل في هذه العملية خاصة؛
- أننا شعب واحد و مصيرنا واحد، جسد واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والألم.. والحمى..
- شبو بطل شجاع..لقد صمد، صمودا منقطع النظير ، رغم خفة وزنه وصغره أمام سيول جارفة فأمضى يوما وليلة متشبثا بصرخة ، بل كان التقط، بكل ثبات، تفاحة رميت إليه.. و رغم غلبة الجوع و سطوة العياء، لم يفقد شبو الأمل، و ظل يؤكد على قوة إرادته في الحياة و يبرهن بجسده النحيف وقلبه الكبير على خصال الشجاعة والصبر التي ميزت أهل هذه الأرض.. أرض الرجال كما قال عنهم المستعمر يوما.
- أن صبر الطفل شبو وجلده، مثال يحتذى وسلوك ينبغي تشجيعه و بالتالي إلحاق شبو بالجيش الوطني كما كان أبوه ضابطا فيه..أبوه الذي تأثرها جميعا بصوته المبحوح عبر مكبر صوت ، عازفا وتر الحنان والرجاء والخشوع: شبو لا( ترقد ).
- علينا أيضا أن نستخلص الدرس من هذا الحادث بأخذ الأسباب والتدابير القبلية والبعيدة في مثل هذه الظروف..والتدابير القبلية تعني التعبئة واليقظة الإدارية و في المرحلة البعدية يجب أن تأخذ الدروس والعبر، مثل الاحتياطات اللازمة لمنع تكرار مثل هذه الحوادث والأضرار مستقبلا، وإعداد الوسائل اللازمة وتجهيزها للتدخل السريع، وتهيئة كل ما يمكن أن يساعد في سرعة وفعالية التدخل في حالة وقوع أي أضرار أو أي كوارث من أي نوع؛
و بودي قبل أن أختم ، أن أعلق على نبأ تلقفته عن وسائل الإعلام أن المندوب العام للتضامن الوطني ومكافحة الإقصاء" تآزر " قرر منح الطفل شبو وأسرته تأمينا صحيحا شاملا ومعونة مادية..فبالنسبة للتأمين الصحي فالأسرة مأمنة لأن والدها ضابط متقاعد..أما الإعلان عن مثل هذا التدخل فهو يصدر عن رئيس الجمهورية أو بأمر منه. وهو الذي أمضى ليله ويومه يتابع الحدث لحظة بلحظة حتى أخبر بنفسه عن نجاح عملية الإنقاذ واتصل مباشرة بوالد الطفل لتهنئته ومن بعده هنأ الشعب الموريتاني.
وأخيرا أبارك لأسرة الطفل محمد أحمد ولد محمد ( شبو)..
وتحقق حلم قائد وشعب : الطفل شبو بين أمه وابيه و أسرته.. ولمثل هذا فليعمل العاملون.