العيد فرصة للتأمل/ بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-مكة
الحمد لله حظيت بمباركة العيد من قبل أحد بناتي،رغم هذا السفر المبارك، إلا أن بعض الأسر الأخرى ،قد تعانى الكثير من متاعب و انعكاسات الانفصال و التشتت،و هو ما يتطلب نظرة موضوعية جريئة،قد يراها البعض كشفا لبعض المستور المعقد التناول،بينما سيتعامل معها العقلاء و ذوو الألباب،على أنها عملية فتح للجرح ،لمعرفة حقيقته أولا،و ربما تلمس طرق علاجه الاستباقي و الواقعي،و ما من دواء ربما أفضل من الدعاء، فى هذا العيد المبارك العظيم ،فاللهم أصلح حال كل الأسر المسلمة ،بل و حال سائر المسلمين أجمعين،و أهدى أبناءنا لإدراك واجباتهم بالبرور و الإحسان لوالديهم،مهما كانوا،متزوجين مع أمهاتهم أو منفصلين على بركة الله.
و فى العيد تنتشر البهجة وتتعمق الصلات بين أفراد الأسرة و المحيط الاجتماعي و و مع المسلمين فى الدائرة الأوسع،لكن بعض المحرومين من نعمة البرور و الإحسان،يجدون أنفسهم كالمعتاد فى دائرتهم الضيقة وسط جدران من التنكر لنعمة الوالدين أو أحدهما،و تؤثر ظاهرة أبناء المطلقات فى موريتانيا على هذه القطيعة الشنيعة،التى بدأت تتحلى و تكشر عن أنيابها.
فرغم ضرورة التفهم بوجود أسباب ما،فرضت انفصام العلاقة الزوجية،و ربما يكون ذلك أفضل،بدل الدخول فى خيارات أخرى أمر،إلا أن مرض الغيرة الزائدة، قد يدفع بعضهن لتعميق صورة نمطية غير منصفة أحيانا،و ربما بعيدة عن الواقع،عن أزواجهن سابقا،و آباء أبنائهن،لتكون النتيجة هجران الأبناء لآبائهم و ضياع الصلة المقدسة المفترضة،طبعا و ذوقا و عرفا و شرعا،بين الوالد و أبناءه!.
و هكذا تضيع مراكب الود و تحل معها أجواء أخرى بغيضة،لا تتناسب مع مكانة الأب إطلاقا!.
إنه العقوق صنعة ردة الفعل أحيانا، لدى سيدة فاشلة اجتماعيا،و تريد أن تنقل المزيد من ارتدادات فشلها على أسرتها و محتمعها و العالم أجمع،لشدة حقدها و توترها الزائد المزمن،منذو لحظة "طلقتك،"التى ربما جاءت تحت إكراه واقع عائلي ،لم يعد يحتمل،و هذا من حكم و فوائدالطلاق فى الإسلام.
و رغم أن الطلاق قد لا يكون منصفا أو مسوغا من جانب الرجل،إلا أن المعالجة،قد تختلف من حالة إلى حالة،و رغم أن الطلاق أبغض الحلال عند الله،و يهتز له عرش الرحمان حسب بعض الروايات،إلا أنه أفضل بكثير و كثير من واقع السواد الأعظم من الأسر فى موريتانيا،حيث يصبح و يمسى الكثير من هن،على التلاوم و الاحتقار و التخوين و التبخيس و السب و اللعن المتابدل،الذى قد يتجاوز إلى محيط أوسع،و فى مثل هذه الحالات يفضل التباعد الاجتماعي،تفاديا لما هو أسوأ،لا قدر الله.
و الأبناء و البنات إن كان فيهم خير أو عقل أو قطرة و مروءة،فلا داعي لأن يهجروا و يعقوا آباءهم البتة،و لكن الواقع مر مؤلم،خصوصا فى شمال موريتانيا،الأكثر تأثرا سلبا بالقيم الوافدة الغريبة،لسبق المدنية و الاحتكاك الحضاري!.
و مهما تكن خطورة العقوق،فلنتأمل قبل الزواج،عسى أن لا نقع فى مثل هذه التجارب البائرة الثقيلة الظل و المذاق و المآل.
فليس كل ارتباط بين إثنين حب و مودة و نجاح،بل العكس أحيانا،و السعيد من اتعظ بغيره،قبل فوات الأوان!.
إن التعجل فى الزواج أحيانا مفسدة عظيمة،و الإصرار على فساد الأسر و الارتباطات الاجتماعية المتعثرة، خير منه أحيانا الطلاق و الانفصال التهائي،و هو أقل ضررا،مهما كان خطره على الأبناء،الذى ستساعد عليه الظروف و تدفع إليه ربما المطلقة أحيانا!.
و مهما قلنا فى هذا الصدد،فالمسؤولية تفرض عدم التخلى عن الحقوق و الواجبات،فعلى الأم عدم ظلم زوجها السابق،بمزيد من المؤامرات و الأحقاد المزمنة المتجددة،و على الوالد الصبر و التحمل،كالمعتاد،فالعقوق،قد لا يكون هو واقع الأبناء باستمرار،و إنما هو مظهر مؤقت، لتفوق خطة مشاعر مريضة عابرة مؤقتة،و يوما ما،كما قد يحصل أحيانا،ربما يستيقظ حساب ولد مغفل أو بنت سقطت ضحية التحريض الظالم المتجاوز،بإذن الله.
و باختصار،عيد سعيد للجميع،و لجميع الآباء و الأبناء و لجميع المسلمين،فبرور الأبناء نعمة و عقوقهم امتحان،فالحمد لله فى كلا الحالتين.
اللهم زد أولادنا البارين برورا و عافى الشاردين و ردهم لدائرة البر و الوقوف عند أمر الله،فالوالد و لو كان كافرا، لا يسقط حق بره،كما قال الله جل شأنه فى سورة لقمان؛"وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا و صاحبهما فى الدنيا معروفا".