التسرب الغازي في المياه الموريتانية خطر يُهدد بيئتنا البحرية فمن يتحمل المسؤولية؟

أورد موقع الأخبار مشكورا، في سبقه الذي عودنا عليه، أن تسربا للغاز وقع الأربعاء 19 فبراير 2025، في المياه الإقليمية الموريتانية، وأضاف الموقع أنه ما يزال مستمرا رغم الإجراءات التي اتخذتها الشركة.
نتوقف عند هذا الخبر لنغوص في تأثيراته البيئية على البيئة البحرية والتنوع الحيوي على شاطئنا. سنحاول تقديم ورقة مختصرة، تُفيد القارئ الكريم، وتُسهم في تثقيفه حول هذا الموضوع خاصة أن هذا التسرب مستمر منذ حوالي أسبوع ثم سنُقدم توصيات لهجاتنا الحكومية المختصة للتعامل مع مثل هذه الكوارث البيئية الطارئة علينا.
أوردنا في مقال سابق نُشر في موقع الأخبار يوم 12 يُناير هذا العام، تحت عنوان الغاز الموريتاني الانعكاسات الاقتصادية والتأثيرات البيئية، ما قد ينتج عن مثل هذه الكوارث على بئتنا البحرية ضرورة وضع ترسانة قانونية تُحمل الشركات المستغلة لحقول الغاز المسؤولية عن الجوانب البيئية المدمرة..
لقد أظهر الحادث مدي هشاشة الجهات المعنية سواء في وزارة النفط أو في وزارة البيئة فالأولي ظهرت مبررة لحادث التسرب ومقللة من أهميته وكأنها سابق رسمي نيابة عن الشركة المشتغلة والمتسببة في هذا الحادث. أما وزارة البيئة فاقتصرت هي الأخرى علي بيان تقول فيه إن تحقيقا سيُفتح للوقوف على الحادث وحسب المصادر المختلفة فإن التسرب ما زال مستمرا في الشواطئ الموريتانية، مما يُنذر بكارثة بيئية حقيقية تنضاف إلى ما تُعانيه البيئة الموريتانية من استغلال وإهمال ولعل نفوق الأسماك على الشواطئ والتلوث لبلاستيكي على شواطئنا، والصيد الجائر دون رحمة، ولا رقابة كافية على السفن الأجنبية، لا يكفي.
يُهدد التسرب المذكور في شواطئنا، ملايين الكائنات البحرية، التي تضمن توازناً بيئياً مهما للبيئة البحرية مصدرا مهما لتنوع ضروري للبحار وحتى لليابسة للتصدي لظاهرة التلوث البيئي البحري الذي أصبح خطيرا علينا..
يؤدي تسرب الغاز الطبيعي إلى تلوث الماء، فعندما يتسرب بعض الغاز إلى الهواء، يؤدي ذلك إلى تسمم المياه القريبة منه، وهو الماء الذي تعتمد عليه الكائنات الحية كمصدر للشرب، مما يؤثر سلباً على صحة الإنسان والحيوان والنباتات والنظم البيئية البحرية. فقد يؤدي التسرب الغازي إلى انخفاض حاد في المخزون السمكي في المناطق التي يصلها الغاز المتسرب، وكذا تلويث قاع البحر ما يجعل تدمير تلك الموائل البحرية - البيئات للكائنات البحرية - أمر وارد جدا.
تعد التسربات من الأحداث البيئية الأكثر خطورة، حيث يؤدي تلوث البيئة بفعل التسربات إلى تدمير المناطق الأساسية للكائنات الحية وتأثيراتها السلبية على الصحة البشرية والحياة البرية أيضا.
الغريب أن توقيت التسرب بعد يومين فقط من بدء تصدير أول شحنة غاز من الحقل إلى أوروبا، والتعتيم الإعلامي من الشركة المستغلة وتوصيتها كتم التسرب يطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مدي الطرق التي اعتمدتها الشركة حول مواجهة مثل هذه الحالات، التي تُظهر هشاشتها وعدم تحملها المسؤولية.
يُوجد اليوم أمام الشركة المستغلة لحقل الغاز خياران لا ثالث لهما، الأول باستخدام معدات متخصصة من شركة "ترينسيتر إنجينيرنج" الأمريكية، المختصة بحلول التحكم في الآبار البحرية، حيث يمكن نقل المعدات بسرعة من الولايات المتحدة الأمريكية جوًا. والخيار الثاني يتمثل في استخدام معدات من شركة "أويل سبيل ريسبونس"، وهي متخصصة في التعامل مع حوادث تسرب النفط والغاز، لإغلاق البئر المتضرر.
نلاحظ هنا أيضا عدم اهتمام الاعلام الرسمي المرئي والمسموع بهذه القضية، وحتى وسائل الاعلام المرئية المستقلة، لم تواكب الحدث بما يستحق.
يحتاج الأمر شجاعة وحزما لأن الأمر قد يتطور لكارثة بيئية كبري لا تُبقي ولا تذر، ومن الإجراءات العاجلة التي يجب اتخاذها، التعامل مع مكتب متخصص للنظر في التسرب وهل ضعف الإجراءات والالتزامات هو السبب أم أن له أسباب أخرى وكيف أُعدت الدراسة البيئية للحقل الغازي، حتى نستفيد منها مستقبلا ومسائلة الشركة المستغلة حتى أمام القانون الدولي، لتحمل مسؤوليتها، إنشاء خلية طوارئ لمتابعة التسرب وتأثيراته تضم مستقلين ومتخصصين ومنظمات مجتمع مدني، ووسائل إعلام، ونحن في الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة مستعدون للمشاركة في كل ما من شأنه المحافظة على البيئة، والوقوف علي التسرب الغازي وأسبابه.
محمد عينين أحمد
- رئيس الجمعية الموريتانية للسلامة والصحة المهنية والمحافظة على البيئة