اغتصاب الديمقراطية في إقليم آسا الزاك: انقلاب على الشرعية وصمت مريب للسلطة الوصية

في سابقة خطيرة تعكس حجم التلاعب بمؤسسات التسيير الديمقراطي، شهد المجلس الإقليمي لآسا الزاك انقلابًا مكشوفًا على القانون والشرعية، وسط ممارسات قمعية تهدف إلى إقصاء الأصوات الحرة، وتواطؤ مكشوف من الجهات الوصية التي اختارت الوقوف موقف المتفرج أمام هذه الفضيحة السياسية والقانونية.
البداية كانت في دورة استثنائية عُقدت في ديسمبر 2023، حيث فوجئ الأعضاء بنقل الجلسة من قاعة الاجتماعات الرسمية إلى مكتب مدير المصالح، الذي تم إقفاله بالمفاتيح، في خطوة أقل ما يقال عنها إنها مؤامرة دنيئة لإخضاع المجلس لرغبات تيار سياسي معين. وبصفتي النائب الأول للرئيس، قمت برفع الجلسة لخرقها السافر للمقتضيات القانونية، إلا أن المهزلة بلغت ذروتها عندما استولى النائب الثاني على الرئاسة بشكل غير قانوني، في ضرب صارخ لكل الأعراف والقوانين التنظيمية.
لم تتوقف المؤامرة عند هذا الحد، بل تم استكمال فصولها بإقالتي من منصبي عبر قرار تعسفي لا يستند لأي أساس قانوني. ورغم أن المحكمة الإدارية أنصفتني بحكم نهائي يقضي بإلغاء هذا القرار الجائر، إلا أن الجهة المتنفذة بالمجلس، وبغطاء واضح من السلطة الوصية، تعمدت عرقلة تنفيذ الحكم، في تحدٍّ سافر لاستقلالية القضاء واستهتار صارخ بسلطة القانون.
والأدهى من ذلك أن عامل الإقليم، الذي يُفترض أن يكون حاميًا للشرعية والمراقب لحسن سير المؤسسات المنتخبة، اختار التستر على هذه الخروقات، بل وتجاهل عمدًا مراسلاتي المتكررة لمساءلة رئيس جماعة عوينة إيغمان عن ممارساته المخالفة للقانون، رافضًا تفعيل مسطرة العزل بحقه، رغم أن الوقائع والأدلة لا تحتاج إلى تأويل. هذا الصمت المريب يفضح ازدواجية المعايير التي تنتهجها السلطة الوصية، التي تتدخل حينما يخدم ذلك مصالح جهات معينة، لكنها تلوذ بالصمت عندما يتعلق الأمر بانتهاك حقوق منتخب حر لا يخضع للإملاءات.
إن ما يحدث في إقليم آسا الزاك ليس مجرد تجاوز إداري عابر، بل هو اغتيال موصوف للديمقراطية، وانقلاب ممنهج على الإرادة الشعبية، في محاولة يائسة لإفراغ المؤسسات المنتخبة من دورها وتحويلها إلى دمى تحركها أيادٍ خفية. لكننا، وبكل الوسائل القانونية والسياسية، سنواصل معركتنا حتى إسقاط هذا المخطط الجبان، وإجبار الجهات المعنية على احترام الشرعية وتنفيذ الأحكام القضائية، لأن الديمقراطية ليست شعارًا يُرفع عند الحاجة، بل هي التزام حقيقي لا يمكن القبول بالتلاعب به تحت أي ظرف.
الطبميو احمد سالم