الإعلام الفرنسي يواكب زيارة ماكرون للمغرب
في انتظار حلول رئيس الجمهورية الفرنسية، إيمانويل ماكرون، بالعاصمة الرباط يوم 28 أكتوبر الجاري في “زيارة دولة” تستمر ثلاثة أيام بدعوة من الملك محمد السادس، تفاعلت عدد من الصحف ووسائل الإعلام الفرنسية مع هذا الحدث الكبير، الذي كانت قد كثرت التكهنات بشأنه طيلة أشهر، قبل أن يحسم الأمر بإعلانه رسميًا وتأكيده عبر البلاغ الصادر عن وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة.
يومية “لوموند” في صفحاتها وتبويبها الخاص بقارة إفريقيا (لوموند أفريك) علّقت بالقول، بعدما أشارت إلى بلاغ القصر الملكي، إن “زيارة الرئيس ماكرون تأتي من أجل إعادة إطلاق العلاقات الثنائية بعد ثلاث سنوات من الأزمة الحادة”.
وأضافت الصحيفة الفرنسية ذائعة الصيت أنه “من خلال القيام بهذه الزيارة للمغرب، الأولى له منذ نونبر 2018، وهي الزيارة التي كانت محط نقاش بانتظام ولكن تم تأجيلها باستمرار منذ عام 2022، يَعتزم إيمانويل ماكرون طيَّ صفحة سلسلة من التوترات الأخرى”.
وتابعت “بعد ثلاث سنوات من الأزمة بين باريس والرباط، مَهّدت فرنسا الطريق في نهاية شهر يوليوز (2024) أمام عودة الدفء وتقارب أكبر في العلاقات الثنائية بين البلدين من خلال توفير دعمها لخطة الحكم الذاتي المغربية في الصحراء”، مسجلة أن “موقف فرنسا الجديد من قضية الصحراء كان منتظَرًا جداً من قِبل المغرب، الذي سبق أن خطا خطوة كبيرة بحصوله على اعتراف إدارة دونالد ترامب الأمريكية في نهاية عام 2020 بسيادته على أقاليم الصحراء المغربية”.
وفي مقال تحليلي عن الموضوع كتبَت صحيفة “لوجورنال دو ديمانش” (النسخة الإلكترونية) مقالة معنونة بـ “زيارة إيمانويل ماكرون للمغرب.. مملكة محمد السادس الحليف الرئيسي لفرنسا في الحوض المتوسط”.
وقالت الصحيفة الفرنسية: “يعتزم رئيس الدولة (الفرنسية) من خلال زيارته للرباط، نهاية شهر أكتوبر، إنهاء الأزمة بين فرنسا والمغرب. هذه أخبار دبلوماسية جيدة، لكنها يجب أن تشكل جزءًا من تفكير أوسع نطاقًا في نظام تحالفاتنا”، مستدلة بما ذكره المحلل جان توماس ليسيور، المدير العام لـ”معهد توماس مور”.
وأشارت إلى أن زيارة الدولة التي سيقوم بها ماكرون تجعله يضع حدّاً للأزمة الحادة التي وضعت البلدين في مواجهة بعضهما البعض منذ ثلاث سنوات. كما تسهم، وفق المصدر ذاته، في “إعادة إطلاق دينامية إيجابية بين الرباط وباريس”.
وأبرزت أن “هذا التسلسل في الأحداث منذ رسالة ماكرون في 30 يوليوز بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، الذي يُثير غضب الجزائر بشكل خطير، هو علامة فارقة في السباق على القيادة والزعامة الإقليمية في شمال إفريقيا؛ فهو يمنح المغرب ميزة جديدة بعد اعتراف الولايات المتحدة (2020) وإسبانيا (2021) وألمانيا (2022) بسيادته على الصحراء المغربية. كما يساعد على عزل الجزائر أكثر فأكثر، التي تتسم علاقاتها مع العديد من الدول الأوروبية بالخشونة والفوضى والصعوبة”، استنادا إلى توصيف المحلل ذاته.
“زيارة مصالحة؟” هكذا تساءلت، من جهتها، الوسيلة الإعلامية الرسمية “فرانس تي في أنفو” في “قصاصة خبرية” مشتركة مع وكالة الأنباء الفرنسية (أ. ف. ب)، قبل أن ترسم في مقالها بعض معالم الإجابة بأن زيارة ماكرون تأتي فعلاً ترسيخاً لمسار وضع نقطة نهاية أزمة حادّة كانت عصفت بالعلاقات زهاء ثلاث سنوات.
من جانبها كتبت مجلة “لوبوان” الفرنسية، في مقال مطوّل تحت عنوان “ماكرون في المغرب.. إيرباص والصحراء وتصريح مغادرة الأراضي الفرنسية”، أن “ماكرون في المغرب ليَطويَ ثلاث سنوات من الخلافات الكبيرة ويدشن عهدًا جديدًا”. وسجلت أن زيارة ماكرون للمغرب “تُثير حفيظة النظام الجزائري، الذي اختار قطع وتجميد علاقاته الدبلوماسية من جانب واحد مع الرباط منذ 2021”.
في سياق متصل، تأكد لهسبريس، حسب مصدر دبلوماسي مطلع، حضور وفد وزاري “رفيع المستوى” رفقة ماكرون وزوجته بريجيت ماكرون في زيارتهما للمملكة، على رأسه وزير الدفاع سيباستيان ليكورنو، ووزير الخارجية جان نويل باروت، ووزير الداخلية برونو ريتايو.
ومن المتوقع أن يتضمن برنامج زيارة الرئيس الفرنسي للمغرب توقيع اتفاقيات اقتصادية عديدة، بالإضافة إلى اتفاقيات أخرى تشمل مجالات رئيسية للتعاون بين البلدين، وفقاً لمصدر هسبريس، الذي أفاد بأن الرئيس الفرنسي سيلقي “خطابا تاريخيا” في البرلمان المغربي ضمن برنامج زيارته التي تطغى عليها بوضوح “أجندة اقتصادية” خالصة.
وتأتي الزيارة في سياق تحول كبير في العلاقات بين البلدين، بدأ بإعلان قصر الإليزيه، في رسالة موجهة إلى الملك محمد السادس، دعم فرنسيا لمغربية الصحراء.
كما يتزامن هذا الحدث مع الترقب السائد قبل أيام قليلة بشأن قرار مجلس الأمن حول قضية الصحراء، الذي تعد فرنسا عضوًا دائمًا فيه، ومستقبل تمديد ولاية بعثة “المينورسو” في الأقاليم الجنوبية المغربية.
جدير بالتذكير أن المغرب أوضح في بلاغ رسمي لوزارة القصور الملكية أن “هذه الزيارة تعكس عمق العلاقات الثنائية، القائمة على شراكة راسخة وقوية، بفضل الإرادة المشتركة لقائدي البلدين لتوطيد الروابط المتعددة الأبعاد التي تجمع البلدين”، فيما أبرز “الإليزيه” أنها زيارة “بهدف ترسيخ إعادة إطلاق العلاقات الثنائية بين باريس والرباط بعد فترة فتور طويلة”.