روائي موريتاني: تضامن شعرائنا مع غزة ولبنان "استثنائي"
أشاد الشاعر والروائي الموريتاني المختار السالم بالتضامن الذي أبداه شعراء بلاده مع قطاع غزة ولبنان بمواجهة حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية التي تستهدفهما، ووصفه بأنه "استثنائي".
وفي مقابلة مع الأناضول، أوضح السالم أن تضامن شعراء موريتانيا مع المقاومة والمواطنين في غزة ولبنان تجسد في مظاهر عدة، منها تنظيم وقفات تضامن، وأمسيات شعرية.
إضافة إلى نظم قصائد شعرية تدعم صمودهم بوجه آلة الحرب الإسرائيلية، وتفضح همجية الإبادة الجماعية الإسرائيلية بحقهم، وتخلد بطولات قادة مقاومتهم.
"إبداع شعري مواكب للمقاومة"
وقال السالم إن "تعاطي شعراء موريتانيا مع أداء المقاومة بغزة ولبنان كان استثنائيا بالنظر لحجم النشاط الإبداعي الكبير المواكب له، وللإبادة الجماعية التي تقودها آلة الحرب الغربية ضد فلسطينيي القطاع، وهي أول إبادة جماعية موثقة بالصوت والصورة".
وفي هذا الصدد، لفت إلى أن الشعراء الموريتانيين أصدروا ديوانا بعنوان "طوفان الأقصى" وهو "أول ديوان شعري يمجد عملية طوفان الأقصى، ويواكب الأداء الأيقوني للمقاومة الفلسطينية في غزة بمواجهة حرب الإبادة الإسرائيلية".
وفي 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، هاجمت فصائل فلسطينية بغزة عبر عملية سمتها "طوفان الأقصى"، 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة القطاع بغية ما قالت إنه "إنهاء الحصار الجائر على غزة وإفشال مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وفرض سيادتها على المسجد الأقصى".
وأشار السالم إلى أن هذا الديوان تضمن قصائد لـ86 من كبار شعراء موريتانيا، وصدرت منه 3 طبعات منذ نشره أول مرة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023.
وإضافة إلى هذا الديوان، قال الشاعر والروائي الموريتاني إنه "يمكن يوميا رصد عشرات القصائد الموريتانية التي تنشر تفاعلا مع جرائم الإبادة الإسرائيلية بغزة ولبنان، وصمود المقاومة هناك بمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية".
وأضاف: "لا شك أن تطورات ما يجري في غزة ولبنان تحظى بمواكبة شعرية آنية من طرف جميع الأجيال الشعرية الموريتانية والمدارس الأدبية في البلد".
تخليد بطولات المقاومة
وضمن ذلك، كان تخليد بطولات قادة المقاومة في غزة ولبنان بقصائد شعرية، موضوعا رائجا لقصائد الشعراء في موريتانيا.
ووفق المختار السالم، "حظي ارتقاء (رئيس المكتب السياسي لحركة حماس) يحيى السنوار شهيدا بقدر غير مسبوق من القصائد الموريتانية التي ترثي الرجل في لحظة تاريخية أيقونية سجلها باستشهاده بالطريقة التي بُثت للعالم".
وأضاف: "كتب شعراء موريتانيا ما يملأ مجلدات في رثاء السنوار شعرا فصيحا وشعبيا، وكما هو معلوم ليس أفضل من الشعر في استيعاب اللحظات الأسطورية في حياة القادة والأمم".
وفي 16 أكتوبر الجاري، قُتل السنوار في مدينة رفح بقطاع غزة خلال اشتباك مع الجيش الإسرائيلي في الميدان، ليُكذب ما روجته تل أبيب من أنه يختبئ منذ شهور وسط الأسرى الإسرائيليين بأنفاق القطاع.
وبدا الرجل من خلال الفيديوهات التي سربها الجيش الإسرائيلي للحظاته الأخيرة، صامدا حتى آخر نفس في حياته، وصلبا وعنيدا بمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية رغم إصابات قاتلة تعرض لها، وهو ما حظي بإشادة واسعة في العالمين العربي والإسلامي.
وكان مشهد إلقائه بيده المصابة عصا على مسيرة إسرائيلية كانت تستطلع المبنى الذي يتواجد فيه "أسطوريا"، حتى أن كثيرين استلهموا منه مثلا تقول كلماته "رميته بعصا السنوار" للدلالة على جهاد المرء وسعيه في دفع عدوه حتى الرمق الأخير.
وعن ذلك، أشار السالم إلى أن أول "ما رسخته قصائد رثاء السنوار هو عصاه التي أصبحت فريدة في حدث المقاومة".
وأوضح أنه "منذ اللحظات الأولى لبث الحدث (فيديو إلقاء السنوار عصاه على المسيرة الإسرائيلية) سارع الشعراء الموريتانيون إلى استنطاق اللحظة شعريا، وكانت الأبيات الشعرية في هذا المجال مليئة بالرمزية، والإحالة إلى تاريخ العصي واستنطاقه في النصوص الدينية والقصص التراثي للأمة".
واعتبر أن "السنوار في رثاء الموريتانيين ليس مجرد قائد عبقري نقل القضية الفلسطينية من رف النسيان وسلة المهملات إلى الحدث العالمي الأول، وليس فقط الرجل، الذي وضع صورة إسرائيل أمام العالم وشعوبه ككيان ليس لديه غير الهمجية، وإنما السنوار هو فعل شامل في ثقافة المقاومة وفي تراثنا الممجد للمقاومة وللاستشهاد".
وتابع: "شكل السنوار حالة أسطورية في الوعي الجمعي لشعوبنا، وهذا ما فجر ينابيع الشاعرية الفذة في رثاء شخصية رمزية بحجم السنوار".
ولفت السالم إلى أنه أدلى بدلوه في هذا الصدد بقصيده عنوانها "ألقِ عَصَاكَ".
وتقول القصيدة في مطلعها: "ألْقِ عَصَاكَ الآنَ تلقف الذي حلَّ بروح الأهْلِ من خَرَابْ، ألْقِ فما من رايَةٍ بيضَاءَ في وجهِ الغُزاةِ لا ولا اضطرابْ، ألْقِ ولوّحْ بالعُلا، أنتَ العُلا وجوهرُ الخلودِ والعجَابْ".
وذكر السالم كذلك أن شعراء موريتانيا نظموا العديد من الأمسيات الشعرية خلال الأشهر الأخيرة؛ "دعما للفعل المقاوم في غزة ولبنان ورفضا لهمجية الإبادة الجماعية" الإسرائيلية هناك.
وقفات تضامن
إلى جانب التضامن الأدبي، لفت السالم إلى أن شعراء موريتانيا نظموا العديد من وقفات التضامن مع غزة ولبنان خلال الأشهر الماضية.
وبدعم أمريكي مطلق، خلفت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بغزة منذ 7 أكتوبر 2023، أكثر من 143 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها "حزب الله"، اندلعت عقب بدء حرب الإبادة على غزة، وسعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان إجمالا، عن ألفين و634 قتيلا و12 ألفا و252 مصابا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، فضلا عن أكثر من مليون و400 ألف نازح، وجرى تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد 23 سبتمبر الماضي، وفق رصد الأناضول لبيانات رسمية لبنانية معلنة حتى مساء الجمعة.