رغم تمويل مدن لـ "الصرف الصحي" والنظافة.. روصو تغرق، والأوساخ تنتشر (صور)

تعاني مدينة روصو خلال موسم الخريف من السيول التي تسببها مياه الأمطار، والتي زادت حدتها وخطورتها خلال العقدين الماضيين حين تم العبث بقنوات الصرف الصحي، وتحويل بعضها إلى أماكن عمومية، كما هو الحال لمقر "بنك التجارة الدولية" في روصو، والذي تم ردم القناة الرئيسية للصرف عليها بعد اتفاق مع بلدية روصو.

 

ومع إطلاق أنشطة مشروع دعم اللامركزية وتنمية المدن الوسيطة المنتجة (مدن)، الممول من طرف الحكومة الموريتانية والبنك الدولي، تبين أن الأولية في مدينة روصو ينبغي أن تمنح لتشييد صرف صحي فعال يحمي المدينة من مآسي موسم الأمطار المتكررة.

 

 

وقد نظمت وزارة الشؤون الاقتصادية بعد حوالي شهر من إطلاق أنشطة المشروع، ورشة حول آليات إدراج مكونة جديدة لمشروع "مدن"، تتعلق بالتحمل الحضري لمدينتي روصو وكيهيدي. 

 

وناقشت الورشة مكونة جديدة لمشروع مدن تسمى "الصمود الحضري ضد آثار الفيضانات" والتشاور حول إجراءات تنفيذ هذه المكونة. 

 

وأوضحت مسؤولة مشروع "مدن" بالبنك الدولي ٱلكسندرا لكورتوا، أن دعم التحمل الحضري لمدينتي روصو وكيهيدي يعتبر بعدا جديدا في غاية الأهمية.

 

تمويل باهظ لمشروع فاشل..

وتقول مصادر "وكالة أنباء لكوارب" إنه تم رصد مليار و155مليون أوقية بتمويل مشترك بين مشروع "مدن" والمكتب الوطني للصرف الصحي.

 

وحسب ذات المصادر فقد حصل على صفقة تشييد هذا المشروع شخص مقرب من عمدة بلدية روصو، وكان واضحا أنه حظي بـ "إعجاب السلطات الإدارية والبلدية" التي دافعت عنه بشكل قوي، وكانت قبل أشهر ترى أن الصرف الصحي أنجز بطريقة تحمي مدينة روصو من مياه الأمطار.

 

وقد بدأ تنفيذ المشروع الذي كلّف هذه المبالغ المالية الكبيرة بعدد محدود من العمال، وبشكل بطيء دون ظهور أي آليات ووسائل تذكر لتنفيذه ، وذلك في ظل عدم معرفة مقر الجهة المشرفة، وغياب أي معلومات تتعلق بتنفيذه.

 

ولم يتم إغلاق عدة قنوات وهو ما يشكل خطرا على الأطفال، والحيوانات السائبة، ويساهم في رمي الأوساخ داخلها، كما يؤدي إلى انتشار البعوض الذي انتشر بشكل غير مسبوق مع انطلاق أشغال "بناء الصرف الصحي".

 

وقد حاولت "وكالة أنباء لكوارب" الاتصال بعدة جهات من أجل أخذ رأيها حول هذا الموضوع، لكنها تهربت واعتذرت بحجة عدم حصولها على المعلومات اللازمة.

 

 

ويرى عدد من المتابعين أن وضعية المدينة خلال موسم الخريف الحالي أظهرت حجم الفساد الذي صاحب منح صفقة إعادة بناء وتأهيل شبكات الصرف الصحي، معتبرين أن الجهات التي أشرفت عليها أفسدت التأهيل الذي قامت به شركة صينية قبل سنوات، والذي تم بمعايير علمية وساهم في تحسين وضعية المدينة خلال موسم الأمطار.

 

وتقول المصادر إن الأشغال الجديدة أدت إلى إفساد وضعية الخرسانة التي تم بها إغلاق قنوات الصرف الصحي بشكل محكم، كما تم تعطيل بعض نقاط صرف المياه  الهامة، كما هو الحال لتلك الموجودة في حي "الصطارة".

 

وكان لافتا تحاشي الجهات البلدية لانتقاد الأشغال المقام بها، خصوصا أن عمدة روصو خلال خريف 2021 وجه انتقادات موثقة لاذعة لوضعية المدينة، وضعف شبكة الصرف الصحي.

 

واستغرب عدد من المتابعين تصريحات سابقة لوزير المياه والصرف الصحي أسماعيل ولد عبد الفتاح خلال زيارة قام بها مطلع الشهر الماضي لمدينة روصو، والتي قال فيها إن مكتب الصرف الصحي لديه 6 صهاريج، لكن اثنين منها تحت الصيانة في نواكشوط، مضيفا "إلا أن السلطات الإدارية والعمدة أبلغوني أن 4 تكفي في ظل تأهيل شبكة الصرف الصحي الذي تم القيام بها مؤخرا".

 

ويثير هذا التصريح الكثير من علامات الاستفهام، في ظل رداءة أشغال الصرف الصحي، وعجز مكتب الصرف الصحي بالمدينة عن القيام بمهامه على الوجه الأكمل.

 

 

النظافة.. مكونة "أولوياتي" التي لم تغير حال المدينة

يوم السبت 02 مايو 2020، وصل إلى مدينة روصو في زيارة رسمية وزير الداخلية واللامركزية حينها محمد سالم ولد مرزوك، ووزير التشغيل والشباب والرياضة في تلك الفترة الطالب ولد سيدي أحمد، وقد أشرفوا على إطلاق مكونة من برنامج "أولوياتي" تتعلق بالنظافة.

وأطلق ولد مرزوك من خلال النشاط مشروع جمع النفايات المنزلية الهادف إلى نظافة المدن، حيث أوضح الوزير في خطابه بالمناسبة أن 33 بلدية من مجموع البلديات في البلاد تلقت إشعارا باعتمادات مالية تغطي جميع مراحل البرنامج بمختلف مكوناته، ويتضمن البرنامج اكتتاب 2100 عامل سيتولون تنفيذ عمليات جمع ومعالجة النفايات المنزلية، كما سيتم توزيع 100 شاحنة ثلاثية العجلات على البلديات المعنية من أجل استغلالها في أعمال المشروع.

 

وقد كان نصيب ولاية اترارزه 16 سيارة ثلاثية العجلات، منها 7 لبلدية روصو و4 لبلدية بتلميت و2 لبلدية اركيز وواحدة لبلدية واد الناقة و2 لبلدية اركيز و2 لبلدية تكنت. 

 

وقال عمدة روصو بمب ولد درمان في كلمة له بالمناسبة إن "إشراف السادة الوزراء على انطلاق الدعم الحكومي في مجال النظافة لثلاث وثلاثين  بلدية من بلديات الوطن؛ في أول إجراء من نوعه في البلد، وإطلاقه؛ من بلدية روصو الحدودية في هذا الظرف له دلالات وأبعاد تعكس اهتمام قيادتنا الوطنية بظروف حياة وأحوال الناس في الداخل؛ وتلكم مقاربة تبشر بعمل حكومي جاد وشمولي"، حسب تعبير المتحدث.

 

وأضاف ولد درمان أن "موضوع النظافة له بعد  صحي مضاف خاصة في المدن الحدودية سيما في بلدية مثل روصو بإمكانات محدودة تستقبل متسوقي مئات القرى كل صباح وما يترتب على ذلك من مخلفات ترتبط بالنظافة".

 

ثلاث سنوات مرت..

ومع مرور ثلاث سنوات على إطلاق هذا المشروع من عاصمة ولاية اترارزة، فإن حال المدينة اليوم يغني عن كل سؤال.

 

فقد انتشرت مكبات القمامة في العديد من الأماكن العامة، كما تعطلت غالبية الآليات التي خصصت للنظافة، والتي كانت من بينها شاحنات صغيرة منحها عمدة روصو السابق سيدي محمد جار عام 2018 لبلدية روصو لتساهم في نظافة المدينة.

 

كما تثير الوضعية الحالية التساؤل عن مستقبل مشروع "مدن" في مدينة روصو، والذي خصصت إحدى مكوناته لنظافة وعصرنة المدن.، دون أن يكون لذلك أي أثر في تغيير واقع عاصمة ولاية اترارزة النائمة على ضفاف النهر.

24 August 2023