الجزائر: جدل حول عدم إقامة تراويح رمضان بثالث أكبر مساجد العالم

عاشت الجزائر خلال الأيام الأخيرة جدلا حادا، على خلفية عدم افتتاح ثالث أكبر مسجد في العالم لصلاتي الجمعة والتراويح خلال شهر رمضان، رغم إقامة الصلوات الخمس فيه منذ 2020 وانحسار جائحة كوفيد-19 بشكل شبه تام.

 

وبينما تتواصل المناشدات الشعبية للسلطات لفتح المسجد الذي صار أحد أبرز رموز الجزائر الإسلامية والمعمارية، لاسيما في العشر الأواخر من رمضان، أرجعت السلطات المعنية عدم فتحه أمام صلاتي الجمعة والتراويح لـ"أسباب فنية".

 

وبدأ شهر رمضان في 23 مارس/ آذار الماضي، ويتوقع أن يتواصل حتى 21 أبريل/ نيسان الجاري.

 

"المسجد الأعظم"

وجامع الجزائر أو "المسجد الأعظم" كما يسميه البعض، تم تدشينه نهاية 2020 بحي المحمدية شرق العاصمة الجزائر ويطل على خليج المدينة على مساحة 200 ألف متر مربع.

 

وتقول السلطات الجزائرية إنه "ثالث أكبر مسجد بالعالم بعد الحرمين الشريفين بالسعودية، فيما يصل ارتفاع مئذنته إلى حوالي 265 مترا، وهي الأعلى في العالم".

 

وتؤكد السلطات هذا المسجد مركزا علميا وسياحيا، كما يتسع إلى أكثر من 120 ألف مصل.

 

ويضم 3 طوابق تحت الأرض مساحتها 180 ألف متر مربع مخصصة لركن أكثر من 6 آلاف سيارة، وقاعتين للمحاضرات مساحتهما 16 ألفا و100 متر مربع، واحدة تضم 1500 مقعد، والثانية 300 مقعد.

 

كما يضم مكتبة تحتوي على ألفي مقعد ومساحتها 21 ألفا و800 متر مربع، وبلغت تكلفة مشروع بناء المسجد الذي أنجزته شركة صينية 1.5 مليار دولار.‏

 

هيكل بلا روح

ومنذ دخول شهر رمضان تكررت التساؤلات وسط الجزائريين وخصوصا على المنصات الاجتماعية، حول الأسباب التي حالت دون فتح هذا الصرح الديني لأداء صلاتي التراويح والجمعة.

 

وكتب الإعلامي الجزائري رياض هويلي منشورا على صفحته بفيسبوك حمل عنوان "جامع الجزائر.. منارة بلا نور؟.

 

وذكر هويلي أنه في "أروقة فيسبوك وأزقته المتشعبة، نقاش طويل عريض بين الجزائريين عن الأسباب الكامنة وراء عدم إتمام فتح جامع الجزائر، ثالث أكبر مساجد الله في الأرض لصلاتي الجمعة والتراويح".

 

وأضاف أن القضية صارت على فيسوك وكأنها "حملة وطنية لتحرير جامع الجزائر"، في ظل بقاء صرح ديني وروحي وتحفة معمارية ببعدها الحضاري والتاريخي مغلقا أمام رواده.

 

وخلص هويلي إلى أن الإبقاء على جامع الجزائر دون نشاط فعلي يجعل من هذا الصرح الديني والسياحي والمعماري قلعة بلا روح وهيكلا محجوزا.

 

من جانبه، نشر الإعلامي الجزائري عياش دراجي صورة فوقية لجامع الجزائر وأرفقها بمنشور قصير قال فيه "هذا المسجد يحتاج رجلا من طراز الفاتحين يقرر فتحاستفهامه بمناسبة العشر الأواخر من رمضان أو العيد على الأقل".

 

علامات استفهام

وعن هذا الجدل، أفاد مستشار الإعلام بوزارة الشؤون الدينية والأوقاف الأسبق عدة فلاحي، بأن الجميع كان ينتظر انطلاقة هذا الصرح الديني الكبير خلال شهر رمضان الجاري وإخراجه من وضعية "الجسد بدون روح".

 

وأضاف للأناضول أن الكثيرين استبشروا خيرا بعد تعيين الشيخ محمد المأمون القاسمي عميدا لجامع الجزائر، وصدور المراسيم التي حددت الصلاحيات والمهام وغيرها.

 

وتابع فلاحي قائلا: كان أمل الكثيرين أن تكون الانطلاقة خلال شهر رمضان، سواء بصلاة الجمعة والتراويح وحتى التهجد أو النشاطات والندوات الفكرية والدينية، لكن هذا الوضع أصابني شخصيا بالإحباط".

 

ومضى يقول: "علامات الاستفهام بدأت تراودني بشأن الأسباب التي حالت دون فتح هذا الصرح وربما هناك جهات ما تحاول أن تعطل تفعيل جامع الجزائر".

 

أسباب فنية

وفي اليوم الـ17 من رمضان الجاري، الموافق 8 أبريل/ نيسان الجاري، ردت إدارة جامع الجزائر عبر بيان ولأول مرة على هذا الجدل بشأن عدم افتتاحه لصلاتي الجمعة والتراويح.

 

وذكرت الإدارة، أن الجامع يعرف توافد الكثير من المصلّين، من الجنسين، ومن مختلف الأعمار، لأداء الصلوات الخمس، مشيرة إلى أن قاعة الصلاة مفتوحة للمصلين، منذ 28 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، ولم تُغلق منذ ذلك الحين إلى اليوم، إلا ما طبق عليها من البروتوكول الصحي الخاص بجائحة.

 

وحسب البيان "يمكن المصلّين أن يقصدوا جامع الجزائر لأداء الصلوات مع عائلاتهم، إذ قاعة الصلاة المخصّصة للنساء مفتوحةٌ أيضا".

 

لكنه أرجع التأخر في فتحه أمام صلاتي التراويح والجمعة، إلى "انتظار استكمال رفع التحفظات التقنية (الفنية) المسجلة في مختلف المرافق، من أجل توسيع نشاط قاعة الصلاة".

 

وأكد أن جامع الجزائر هو صرح ديني وروحي وعلمي وثقافي وسياحي. ويحتوي، بالإضافة إلى قاعة الصلاة، على جامعة للدراسات العليا (دار القرآن)، ومجلس علمي، ومكتبة، ومركز بحث، ومركز ثقافي، ومتحف.

 

وختم بالقول: "سيفرح المسلمون في الجزائر وفي العالم كلّه بانطلاق نشاطات هذه المؤسسات، بعد استكمال توفير كل الشروط التقنية والأمنية واللوجستية لافتتاحها".

 

مناشدات مصلين

ومع ذلك، أعرب حداد ياسر وهو مصل التقاه مراسل الأناضول بعد صلاة العصر، عن استغرابه من عدم فتح المسجد أمام صلاتي التراويح والجمعة، رغم أنه كان من المفروض أن يتم فتحه طيلة شهر رمضان أمام كل الصلوات.

 

وتعجب المتحدث من بقاء مسجد كبير مثل جامع الجزائر مغلقا والمفروض أن تقام فيه جميع الصلوات.

 

وعلق بالقول: "انا أحبذ أن يكون المسجد ممتلئا في الصلوات".

وأضاف: "نتمنى أن تقام صلاة التراويح في هذا المسجد الكبير، ونطالب من السلطات تجاوز المعوقات، وفتح المسجد لأداء كافة الصلوات".

 

بدوره، قال حمادي أمين، وهو مصل آخر: "نتمنى من هذا المنبر في المسجد الأعظم أن يتم فتحه وتؤدى فيه صلاة التراويح والتهجد خلال العشر الأواخر من رمضان".

 

وتابع "نناشد السلطات من خلال وزارة الشؤون الدينية والسلطات العليا القائمة على المسجد أن يقوموا بفتحه قريبا".

 

 

12 April 2023