مستشفى كيهيدي.. الواقع والآفاق/ بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن

كيهيدي - في هذا اليوم، الجمعة، المتزامن مع إطلاق مهرجان جول تحت إشراف وحضور، صاحب الفخامة، الرئيس الحالي السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الشيخ الغزواني، قمت بزيارة صحبة الزميلين عبد الله الفتح (الزمان)، وإمام الدين (وكالة لكوارب)، بزيارة المستشفى المركزي لعاصمة ولاية كوركول، كيهيدي، حيث قابلت عند مدخل المستشفى مديره العام وطاقمه في بداية العمل الصباحي، السيد محمد المصطفى ولد أبراهيم، وقد علمت أن هذا المستشفى تم تشييده سنة 2015، بعد سنوات من جهود البناء والتعمير تكللت على يد شركة "مبروكة" (شركة خصوصية موريتانية يديرها رجل الأعمال الشاب محمد عبد الله ولد سيدي محمد عمار)، غير أن الرخام الأرضي (كارو) كان من الفئة الرديئة، وركب بطريقة ضعيفة التثبيت، مما تسبب في تهتك الكثير منه، وربما يحتج هذا السيد المشرف على البناء، بأن تلك مسؤولية جهات الصيانة، إلا أن مستشفى أطار الذي شيد في فترة الاستعمار الفرنسي أيام الاربعينات من القرن الماضي، مازال جانب من رخامه (كارو) ملتصقا على الأرضية والجدران كما هي، إلا أن الكثير من رجال أعمالنا تعودوا على التلاعب بالمسؤولية، نتيجة لضعف مكاتب الرقابة التي تنتفع ولو نسبيا غالبا من مثل هذه المقاولات، رغم أن مستوى التشييد والبناء الذي قامت به شركة مبروكة كان جيدا، ومثارا للإعجاب، عدا قصة الرخام (كارو)، وأما الأسرة فتكاد تذكرك بمنازل الفقراء ومساكن البؤساء في "كبت مندز" أو "حي الصطارة"، او أحياء الصفيح والترحيل ما قبل التخطيط والتعمير.
وزرنا قسم الأمراض العقلية، واكتفينا بزيارة السكرتيريا دون الولوج لغرف حجز المرضى، وقد حذرني المدير العام من الدخول المباشر على هؤلاء، وامتثلت احتياطا وحيطة، رغم عدم شعوري بالخوف بصراحة قد تفيد القارئ في تلمس بعض الجوانب الجدلية بين طرفي اللعبة السلوكية الغامضة عند بعض البشر من أمثالي، فلا أكاد أميز بسهولة أحيانا بين منطقة الخطر ومنطقة الأمان، ليس بسبب ضعف عقلي ربما، وإنما بسبب تبادل الأدوار بين تيارات القدر وتبدلات الطقس، من كل وجه ومن كل فج عميق، رغم معاناة هؤلاء ظاهريا، إلا أن من نعتقد أنهم أصحاء يتأكد غالبا بما لا يدع مجالا للشك أنهم أكثر جنوحا وجنونا تارة، من الذين حكم الجميع بفقدانهم لعقولهم، بمنطق السواد الأعظم المتغلب، الذي قد يحكم عن غرض وقصد وسبق تعمد بجنون المبدعين واتهامهم بالطيش، حتى لو ظهر أحدهم لاحقا ويقينا، بأنه ارسخ العقلاء وأحكم الحكماء، وخير الخلق طرا، خاتم الأنبياء والمرسلين، محمد بن عبد الله، عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
فما قصة اقتران العبقرية مع الجنون، وما جدوائية المبالغة في هذا الصدد، أم ليس أفضل لنا الوسطية في اطلاق المصطلحات والتثبت قبل توسيع دائرة هذا الإطلاق، المثير للجدل المشروع على رأي البعض!
ثم ولجنا إلى الصيدلية داخل المستشفى لنكتشف أنها في أغلب الاحتياجات الدوائية مسمى بلا دلالة مرضية مفحمة، وأما اسكانير، فربما وحيد صنوه من الأجهزة، وتعتريه وعكات متفاوتة، يصحو منها أحيانا، ويتأثر ويتعثر غالبا.
ثم سألنا عن العمال ومتأخراتهم المتزايدة وضعف تشجيعهم رغم ظروف العمل الصعبة، المستحقة لتطبيق قاعدة اعطوا الأجير حقه قبل أن يجف عرقه، غير المطبقة إطلاقا في كيهيدي، وعلى الأقل في حالة المستشفى المركزي، رغم ما يبذله المدير العام محمد المصطفى ولد أبراهيم ومساعده الجراح المتميز ذائع الصيت محمد تقي الله الملقب شريف ولد محمد سالم ولد ابنو، الذي أتاحت لنا فرصة استضافته الكريمة، سانحة هذه الزيارة الميدانية، التي تعرفنا من خلالها على الزمبتي الصبور باب ولد أعل سالم الذي نرجو انصافه في زمن الإنصاف.

 

 

17 March 2023