بدراجة هوائية.. صومالي يقطع 1200 كلم لتحسين صورة بلاده

ناصر جاس سافر من في رحلة وصفها كثيرون بالمغامرة الخطيرة، أراد ناصر جاس العائد من بريطانيا إلى مدينة جيغجيغا بعد نحو 30 عامًا أمضاها في الغربة، تغيير الصورة النمطية عن بلده المتمثلة بالتخلف والتدهور الأمني وانتشار الأسلحة والحروب العشائرية.

سافر ناصر (52 عامًا) صومالي يحمل الجنسية البريطانية، من جيغجيغا عاصمة إقليم الصومال الإثيوبي، إلى مدينة جرعد أقصى شرق ولاية بونتلاند الصومالية، قاطعًا مسافة 1200 كيلومتر في رحلة استغرقت 15 يومًا.

خلال رحلته الشاقة، عبر ناصر 6 أقاليم، من إقليم الصومال الإثيوبي إلى الصومال، وأكثر من 45 بلدة وقرية ليصل إلى مدينة جرعد الساحلية آخر نقطة في رحلته.

 

تغيير الصورة النمطية للصومال

يقول ناصر لمراسل الأناضول: "الصومال بعد انهيار الحكومة المركزية عام1991 ودخولها أتون حرب أهلية استمرت 3 عقود، صارت نموذجًا للدولة الفاشلة وعدم الاستقرار ومركزًا للحروب العشائرية حتى وإن استتب وضعها السياسي والأمني في السنوات الأخيرة".

ويضيف: "الصورة النمطية غير الحقيقية التي تقفز إلى خيال الكثيرين بمجرد سماعهم اسم الصومال، دفعتني إلى خوض الرحلة التي بدأت بتخطيطها من بريطانيا".

ويتابع: "منذ العقدين الماضيين كانت المعلومات المحبطة تصلنا من وطننا عبر وسائل الإعلام الدولية أو من صفحات التواصل الاجتماعي، من قبل شخصيات تنشر معلومات لا تعكس الواقع الحقيقي لبلدنا".

"هذه المعلومات أبقتنا في الغربة وجرّدتنا من الشوق تجاه وطننا، رغم شعورنا بأن الأمر ليس كما يصوّره الإعلام، ولهذا قررت السفر إلى مدينة جيغجيغا التي كانت نقطة انطلاق رحلتي"، يوضح ناصر.

ويؤكد قائلاً أن "هدف الرحلة هو شطب الصورة النمطية وخوض التجربة لإيصال الصورة الحقيقية عن الصومال إلى العالم وإلى الجالية الصومالية في الشتات، ورغم المشاكل، إلا أن الحياة تنبض وتسير بين أبناء الشعب كغيرها من أمم العالم".

 

رحلة شاقة

لم تخلُ رحلة ناصر من التحديات والمتاعب كما كان متوقعًا بالنسبة له ، فالطرق الوعرة وغير المعبّدة والتي دمّرت جرّاء الحرب كانت من المعوقات التي رافقته إلى مدينة جرعد الساحلية، آخر نقطة في رحلته.

يقول ناصر: "أكبر تحدٍّ واجهني خلال الرحلة كان الطرق المدمّرة التي تعيق سير الدراجة، حيث تعطلت دراجتي أكثر من 8 مرات، لكن بحمدالله أخذت كل احتياجات الرحلة من أغراض ودواء وقطع غيار الدراجات الهوائية".

وعما لفت نظره خلال الرحلة قال ناصر: "الاستضافة الحارة لدى السكان القرويين كانت أكثر ما لفت انتباهي، وكأن الأصالة والثقافة والتقاليد تبقى بين الأسر الصومالية رغم كل الظروف التي مرّ بها هذا الشعب".

وأشار إلى أنه كان يبيت أحيانا في مناطق نائية لكنه يبحث عن أقرب منطقة يسكنها القرويون حيث كان ينصب خيمته ومعدّات النوم، لينطلق مع بزوغ الفجر ويواصل رحلته.

وتابع أنه لم يواجه شيئًا قد يعرّض حياته للخطر، كالحيوانات المفترسة، خلال رحلته، رغم الأدغال والوديان والجبال التي مرّ بها.

وقال إنه استعان خلال الرحلة بخريطة جوجل لمعرفة الطريق، كما استخدم تتبع أقرب القرى أو البلدات لديه في أوقات الليل.

 

توثيق الرحلة

حرص ناصر جاس على توثيق رحلته ساعةً بساعة، في محاولة لإيصال جمال الطبيعة الخلابة والوديان والحيوانات التي صادفها خلال 15 يومًا، إلى جمهور منصّات التواصل الاجتماعي.

وقال للأناضول إنه يوثق المشاهد الجميلة التي صادفته في الطريق في القرى والبلدات، لإيصالها إلى جمهوره الذي يتابعه لحظة بلحظة عبر منصّات التواصل الاجتماعي.

وأضاف ناصر أنه يحرص على تقديم مشاهد متنوعة للجمهور تعكس مدى جمال المناطق التي زارها خلال رحلته، إلى جانب مشاهد حياة القرويين الذين يرعون الغنم مع الغروب.

وأكد أنه يستهدف جمهور المغتربين الصوماليين وخاصة الذين تأقلموا مع الصورة النمطية التي تجسّد الجانب المظلم للبلاد، "من أجل محو هذه الصورة النمطية وإيصال جمال وروعة الصومال والأمن المستقر الذي يتمتع به".

ولم تكن هذه الرحلة التجربة الأولى بالنسبة لناصر، حيث سبق وأن سافر عام 2020 من مدينة جيغجيغا في إقليم الصومال الإثيوبي إلى مدينة بوصاصو العاصمة التجارية لولاية بونتلاند المحلية، بهدف السياحة والتعرّف على الأقاليم البلاد.

الأناضول

 

3 November 2022