لا لتشجيع الشرائحية والعنصرية/ بقلم: عبد الفتاح ولد اعبيدن

الموريتانيون مسالمون و طويلى النفس،لكنهم ليسوا كلهم على نفس المنحى،و محاولة تزوير مواقف الرأي العام تجاه العنصريين و الشرائحيين،لن يجدي نفعا فى تلميع صورتهم، لدى السواد الغالب من الموريتانيين.
فقد قرأت مقالين فى هذا الاتجاه ،أحدهما كتب على استحياء رغم دعوته،لعدم "شيطنة بيرام"،الذى لم يشيطنه أحد،و إنما شيطن نفسه بنفسه،عبر تماديه لسنوات طويلة فى تصريحات و تصرفات عنصرية و شرائحية بامتياز،وصل فيها لحرق كتبنا و سب أبرز علماءنا و تصنيف صحافتنا،بأنها "صحافة البيظان،و ختم بوصم وضعيتنا العامة،بأنها نظام لابرتيد.
فعلا كتب هذا المقال المثير للاستغراب،الزميل محمد محمود ولد بكار،و مجمل القول،بشأن مقال بكار،الرافض على دعواه لشيطنة بيرام،إن بيرام لم يعتذر يوما عن هذا النهج فى التصور و التصريح و التصرف العنصري و الشرائحي المقيت،و لا يستطيع بيرام على الأرجح الاعتذار عن هذا السبيل الشرائحي ،غير الجامع،لأن مموليه و مشجعيه فى الغرب، يشترطون السير على هذه الصيغة البغيضة،المفرقة للموريتانيين،لا قدر الله.
و مهما كانت نية الزميل، محمد محمود ولد بكار لجمع الطيف السياسي على طاولة جامعة،فى سياق التشاور المرتقب،و عدم المبالغة فى هفوات و تحريض بيرام المزمن على البيظان و الدولة، كلا لا بعضا، فى بعض تصريحاته،مثل وصفها على المنابر الدولية بلابرتيد،إلا أن بيرام إن لم يكن كما قال الراحل رحمه الله،مصطفى ولد بدر الدين، مشروع فتنة،فهو مشروع تحدى لفظي و مسلكي تحريضي مسيئ،يستحق الحزم و الصرامة المطلقة،و ليس المجاملة الزائدة و لا التغاضى المستمر، و ليس إطلاقا المباركة و الإشادة الصريحة، مثل ما انتهج محمد فال ولد سيد ميله فى مقاله،الذى تبع مقال الزميل، محمد محمود ولد بكار،و كأنه نهج إعلامي من بعض مقربي النظام إعلاميا،بقصد التهدئة على دعواهم أو ربما بقصد إرجاع بيرام و محور إيرا و الصواب لطاولة التشاور،القليل الحظ فى الكسب غير الملغوم!.
و يبقى التذكير ضروري،بأن النضال ضد الرق،خلاف التحامل و الإساءة و الإضرار بالدولة و المجتمع،و السيد الرئيس غزوانى فتح ذراعيه لبيرام قصد التعقل،لكنه لم يرعوى،و ممارسة السياسة عبر يافطات حقوقية مخل بمجال الاختصاص، و طلب ترخيص حزب شرائحي لثلة من الناس، تجاهر بالكراهية و الشرائحية لا معنى له،سوى عملية تفخيخ لكل مكاسب الماضى و الحاضر فى سياق العيش المشترك و التعايش الإيجابي و اللحمة الوطنية المقدسة.
فاستتيبوا بيرام و أشكاله من كل مكون و فريق،قبل مباركتهم و تجاهل خطرهم البين، المنذر بفتنة مدمرة،إن لم نجمع و نجتمع فحسب، على ما يليق الاجتماع عليه،من التمسك بالهوية الحضارية الإسلامية الجامعة و كل عرى التسامح و التعايش النافع الناجع ،بإذن الله.
ثم إن المعقدين و الشرائحيين و المتطرفين،من دعاة الفتنة من أي مكون،ينبغى أن يحاولوا الاعتبار من دول و مجتمعات أخرى دفعت ثمن الصراعات الضيقة، بأي لون أو مذاق،و ليعلموا علم اليقين أن الفتنة و الكراهية لا خير فيها،سوى خسارة الدنيا و الآخرة،و بغض النظر عن التخندق السياسي المؤقت،موالاة أو معارضة،فإن المصلحة تكمن فى التعقل و التمسك بالعروة الوثقى للإسلام و اللحمة الوطنية،و ليعلم الصيادون فى العكر أن الدولة  قوية، مهما كانت عثرات النظام الحالي فى تسيير بعض الأمور،و الجميع مجمع على الوعي و الأهمية القصوى لمكسب الاستقرار الاجتماعي و السياسي و الاقتصادي،مهما كانت أيضا نواقصه،و ليعلم الموتورون و المسترزقون بالتطرف و الابتزاز و الإساءة، أنهم أقلية تافهة محاصرة، لا تأثير لها إطلاقا،و البقاء للأصلح،و أن السواد الأعظم، من المعتدلين المتحابين المتعاونين،هم أصحاب الكلمة الفصل.
و لنقف خلف سلطاتنا فيما تسعى فيه من خير للجميع،بإذن الله،و من أراد أن يرفع عقيرته برأي مخالف،فليكن ذلك بالحكمة و الأساليب الحضارية اللائقة،عسى ان نظل فى عافية و نعالج أوضاعنا، بما تيسر من تفاهمات و إصلاح،مهما كان تدريجيا ،فالأولى درء المفاسد قبل جلب المصالح،و تلك قاعدة أصولية لا يعقلها إلا العارفون.

 

28 May 2022