اقتحام "مجمع الشفاء".. قتلى وجرحى بالطرقات وحصار مشدد واعتقالات

عاش فلسطينيو حي الرمال غربي غزة ليلة دامية بعد اقتحام القوات الإسرائيلية، بشكل مفاجئ، مجمع الشفاء الطبي في عملية مازالت أحداثها ممتدة حتى ظهر اليوم الثامن رمضان الذي كثفت فيه تل أبيب هجماتها على القطاع، رغم التحذيرات الدولية من تصاعد وتيرة العنف.

وحسب شهود عيان ومصادر محلية فلسطينية، بدأت الأحداث عند الساعة 2:00 من فجر الاثنين (24:00 تغ)، بقصف عنيف بنحو 40 غارة استهدفت مجمع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به من كافة الجهات إضافة لتحليق مكثف من المسيرات ما أدى لمقتل وإصابة العديد من الفلسطينيين في المستشفى ومحيطه.

وذكر الشهود، أنه تحت هذا الغطاء الناري الكثيف توغلت دبابات وآليات عسكرية إسرائيلية بشكل سريع ومفاجئ انطلاقاً من مناطق جنوبي مدينة غزة عبر شارع "الرشيد" وصولاً إلى منطقة "الميناء" القريبة من المستشفى ومنها توزعت لتصل إلى البوابتين الشمالية والجنوبية لـ"الشفاء".

وفي محور ثان للتوغل دخلت الدبابات الإسرائيلية من مناطق شمالي مدينة غزة عبر شارع "الجلاء" وصولاً إلى شارع "الوحدة" ومنه إلى البوابة الشرقية للمستشفى، وفي المحور الثالث دخلت القوات الإسرائيلية من شمالي القطاع عبر شارعي "النصر" و"عز الدين القسام" وصولاً إلى البوابة الشرقية الرئيسية لمستشفى الشفاء.

وأوضح الشهود، أن الآليات العسكرية الإسرائيلية حاصرت مستشفى الشفاء من جميع الجهات وبدأت بإطلاق النار تجاهه في ظل تحليق طائرات مسيرة فوق باحاته وبين مبانيها قبل أن تقتحمها وتطلق النار على كل من يتحرك.

ووفق مصادر طبية ومحلية تحدثت للأناضول، فإن هناك العديد من جثامين القتلى ملقاة في باحات المستشفى والطرقات المؤدية إليه، قتلوا بإطلاق النار عليهم بشكل مباشر أو بالقصف الذي استهدف محيط "الشفاء" قبل بدء عملية التوغل.

وحسب الشهود، فإن الجيش الإسرائيلي قام بتعطيل الاتصالات بشكل شبه كلي في مجمع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به قبل بدء عمليات التوغل.

وشب حريق في مبنى الجراحات التخصصية في المستشفى جراء استهدافه بشكل مباشر من القوات الإسرائيلية ما أسفر عن وجود حالات اختناق بين المرضى والنازحين في المستشفى، الذين يقدر عددهم بنحو 25-30 ألف نازح، خاصة النساء والأطفال.

واقتحمت القوات الإسرائيلية المبنى نفسه لاحقا إضافة إلى مبنى الاستقبال والطوارئ وأطلقت النار بشكل كثيف بداخلهما ما أسفر عن سقوط عدد من القتلى والجرحى، حسب مصادر داخل المستشفى.

ولا يسمح جنود الجيش الإسرائيلي للطواقم الطبية بإسعاف المصابين وإنقاذ حياتهم وسط كثافة نيران في باحات المستشفى وداخل المباني التي اقتحمها الجنود.

كما اعتقلت القوات الإسرائيلية أكثر من 90 فلسطينياً من النازحين داخل المستشفى واقتادتهم إلى جهات مجهولة، كما ذكر الشهود للأناضول.

وتمركزت الآليات العسكرية حاليا في مرآب السيارات بالساحة الخلفية للمستشفى وتقوم بعمليات تجريف واسعة فيها رغم أنها تضم عشرات القبور لفلسطينيين قتلوا خلال الأشهر الماضية بالغارات على مدينة غزة.

وبالمناطق المحيطة بالمستشفى، اقتحمت القوات الإسرائيلية المدرسة الأمريكية التي تؤوي نحو 20 عائلة نازحة، ومازالت تحاصر مدرستي "الكرمل" و"المتميزون" وتضمان الآلاف من النازحين.

ووفق الشهود، فإن جنود الجيش الإسرائيلي اعتقلوا عددا غير مجدد من الشباب من نازحي المدرسة الأمريكية وطلبوا من النساء التوجه إلى مدينة دير البلح (وسط القطاع) عبر شارع الرشيد المحاذي لشاطئ البحر.

وبعد نحو 10 ساعات من بدء الهجوم الإسرائيلي، يتواصل سماع أصوات قصف شديد واشتباكات بين قوات الجيش الإسرائيلي وعناصر المقاومة الفلسطينية في محيط مستشفى الشفاء.

وتتمركز الآليات العسكرية حالياً في المناطق الغربية والجنوبية لحي الرمال (العباس وشارع أبو حصيرة والميناء والاتصالات وتل الهوى) بشكل كامل وتحاصر نحو 70 ألف فلسطيني يقيمون في هذه المناطق إضافة للنازحين بالمستشفى.

ولا يستطيع سكان هذه المناطق مغادرة منازلهم بسبب كثافة القصف وإطلاق النار والاشتباكات، وفق شهود عيان.

وفي وقت سابق من اليوم الاثنين، ناشدت وزارة الصحة في غزة،، كافة المؤسسات الأممية إيقاف المجزرة الإسرائيلية الجارية ضد المرضى والجرحى والنازحين والطواقم الطبية داخل مجمع الشفاء الطبي.

وقالت الوزارة، في بيان، إن حريقا نشب على بوابة مجمع الشفاء الطبي وهناك حالات اختناق بين النساء والأطفال النازحين بالمستشفى وقطع للاتصالات.

وأضافت أن النازحين محاصرون داخل مبنى الجراحات التخصصية وفي استقبال الطوارئ بمبني 8.

وأشارت إلى سقوط عدد من الشهداء والجرحى مع عدم القدرة على إنقاذ أحد من المصابين بسبب كثافة النيران واستهداف كل من يقترب من النوافذ.

وختمت بالقول إن وزارة الصحة تناشد كافة المؤسسات الأممية إيقاف هذه المجزرة فورا ضد المرضى والجرحى والنازحين والطواقم الطبية داخل المستشفى.

وهذه المرة الثانية التي تقتحم فيها القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي منذ بداية الحرب على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حيث اقتحمته للمرة الأولى في 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي بعد أن حاصرته لمدة أسبوع على الأقل.

وحينها انسحبت القوات الإسرائيلية من المستشفى في 24 نوفمبر، بعد تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه وأجهزة ومعدات طبية إضافة لمولد الكهرباء بالمستشفى.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حربا مدمرة على غزة خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، بحسب بيانات فلسطينية وأممية، ما أدى إلى مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية.

 

 

18 March 2024