لو غيرك قالها يا ابن محمد صالح !!!

بدا لكثيرين وأنا منهم كلام وزير الشؤون الاقتصادية عبد السلام ول محمد صالح عن اللغة العربية في مؤتمره الأخير مستفزا وجارحا ليس لنا فقط في موريتانيا بل لمئات الملايين الذين يتحدثون هذه اللغة ولأزيد من مليار مسلم يتعبد بها ويبذل في كل يوم جهدا من أجل تعلمها وتحسين مستواه فيها 
ولعلي أمر بالأمر سريعا في ملاحظات عابرة وهي : 

 

١/- ماكان ينبغي لوزير متعلم أن يدوس على الدستور ومواده ويبرر استخدام لغة اجنبية في المناقصات التجارية التي يمر عن طريقها سنويا أزيد من نصف ميزانية الدولة ( قرابة سبعمائة مليار أوقية قديمة ) فالدستور صريح في أن اللغة الرسمية للدولة هي اللغة العربية أما الفرنسية فهي اللغة الرسمية لفرنسا والوزير وزير في موريتانيا وليس في فرنسا .

 

٢/- موضوع اللغة في الأساس هو موضوع هوية وسيادة وطنية ولا يقاس الأمر بالمال ولا بالقيم المادية  المجردة بل هو فوق ذلك بكثير ، ولو أن هذ الوزير قال هذ عن الكورية في كوريا أو الطاجكية او الفارسية أو الأندنوسية أو اليابانية في أي بلد من تلك البلدان لأقيل من يومه رغم أنها لغات محلية لا يُتحدث بها خارج تلك البلاد فكيف باللغة العربية التي يتحدثها مئات الملايين من البشر وتحتل مكانة متقدمة بين لغات العالم وتعتبر من لغات الأمم المتحدة الرسمية وتحمل إرثا تاريخيا يزيد عمره على ألف وأربعمائة سنة كانت في فترات طويلة منها لغة العالم الأولى .

 

٣/- ما برر به الوزير استخدام الفرنسية في المناقصات مضحك ومؤسف فالشركات الأجنبية التي تحدث عنها الوزير لا تشكل الشركات الفرنسية منها 0,1% وأنا أعي ما أقول ... بل في هي الغالب شركات صينية وآسيوية وتركية وعربية وفي أحيان قليلة شركات عالمية ( وعموما فلغة المال هي الانكليزية ولغة الوفرة والكثرة هي الصينية ) أما الفرنسية فهي في الذيل بكل المعايير ، ومن قابل مناديب الشركات الصينية والتركية والماليزية والهندية وهم تترجمون  وثائقهم هنا للغة الفرنسية ليشاركوا في مناقصات موريتانية لعرف حجم التناقض والتردي الذي يعيشه قطاع المناقصات في الصفقات العمومية عندنا.

 

٤/- بحسب إحصائيات توصلت بها من جهات رسمية في مجال الصفقات العمومية قإن قرابة نصف المناقصات ممولة من صناديق عربية ( الصندوق الكويتي / الصندوق العربي للإنماء الإقتصادي / صندوق أبوظبي للتنمية / البنك العربي الإفريقي  / البنك الإسلامي .... ) وكل هذه الصناديق تتحدث العربية ولا أحد بها يعرف الفرنسية إطلاقا .

 

٥/- الموظفون الموريتانيون الذين يعالجون ملفات المناقصات  ويفحصونها بنسبة تفوق ال 80%موظفون لغتهم الأم هي اللغة العربية وفي كثير من الأحيان يكونون أمام سيل من الوثائق والأوراق المكتوبة بلغة مستوياتهم فيها ضعيفة جدا ولا علاقة لهم باللغة المتخصصة وفي مجالات متعددة ، وهو ما ينعس دوما على كفاءة واداء تلك اللجان وعلى موظفيها المضطرين لبذل جهد مضاعف من أجل استيعاب العروض وفهمها وقد كتبها قوم ليست لغتهم الفرنسية لقوم آخرين ليست لغتهم الفرنسية في موضوعات لا علاقة لفرنسا بها من قريب أو من بعيد !!!!

 

٦/- ضرب الوزير مثلا بالصين وعدد المتحدثين فيها بالإنكليزية وأنه يفوق عدد المتحدثين بها في ابريطانيا ومع أن الأمر فيه مغالطة كبيرة إذ يعتمد على كثرة عدد الصينيين وبنفس المنطق نقول له إن عدد المسلمين في الصين يفوق عددهم في أرض الحرمين وفي مجموع دول مسلمة كثيرة ، لكني أسال الوزير إن كان يعلم أنه في الصين وفي المرحلة الإبتدائية لا يمكن أن يدرس التلميذ غير اللغة الصينية وأن عليه أن يحفظ أزيد من الف حرف في المرحلة الأولى أما أن تكون ثمة مناقصة بلغة أخرى فذلك كما يقول الصينيون (有趣的事情)
وليس الأمر وليد اليوم وقد اصبحت الصين القوة الاقتصادية الأولى أو الثانية في العالم بل باللغة الصينية نالت الصين هذه المرتبة وكذلك كوريا واليابان والمانيا وغيرها من الدول التي تقدمت بفضل إيمانها بلغتها وتدريسها بها وعمل مناقصاتها بها.

 

٧/- على عكس ما زعم الوزير في خرجته الإعلامية غير الموفقة من تراجع اللغة العربية ، فإن الوقع يشهد بتزايد وتنامي اهتمام العالم كله بتدريسها وتعلمها، وتفتتح معظم جامعات العالم الكبرى أقساما ومعاهد لتعلم اللغة العربية، وتنفق الدول العظمى سنويا مليارات الدولارات على البعثات والدورات والندوات المتعلقة بتعليم اللغة العربية لأبنائها ويتزايد عدد طلاب أقسام اللغة العربية في الجامعات والمعاهد الغربية والشرقية ( امريكا ، المانيا ، فرنسا ، الصين ، اليابان ، كندا ... الخ) ومع ذلك لا يزال ثمة سؤال يؤرق معالي الوزير ويبحث له عن جواب وهو : لماذا يتعلم شاب كندي اللغة العربية ؟.

 

اسلكو ولد ابهاه

 

2 October 2023