سيدي محمد حامدينو يكتب: حول جدل مشروع القمح فى بلدية الخط

لقد تابعت باهتمام ما تم تداوله فى الفترة الأخيرة فيما يخص  أراضي ببلدية الخط بولاية اترارزة تنوي الجهات المختصة منحها لرجال أعمال بغية زراعتها قمحا، حسب ما تم التصريح به من قبل السلطات المحلية فى بعض الاجتماعات التمهيدية للمشروع.

 

وقد وجدتني لإعتبارات عدة مطالبا بأن اسجل فى هذه العجالة النقاط التالية:

 

1- ينبغي للجميع أن يقدر حجم التحديات التى تواجه البلد أمام تحقيق أمنه الغذائي مما يضع المسؤولية على  الجميع باختلاف مواقعهم  ويحتم  عليهم الإسهام  بايجابية ومسؤولية فى هذه المعركة النبيلة.

 

2 -  وضع الجهات المعنية للأراضي الموات التى لاتقع ضمن الغلاف الحيوي للسكان فى خطط الاستصلاح من أجل المنفعة العامة ليس من المصلحة أن يعارض، خاصة إذا تم انصاف السكان المحليين.

 

3 - معظم تجارب منح الأراضي التي خاضتها الدولة فى الماضي مع رجال الأعمال لم تأت بالنتائج المرجوة، وكانت نهايتها فى كثير من الأحيان هي امتلاك الطرف الثاني للأرض وتقطيعها وبيعها لاحقا فى أحسن الحالات، وهو مايسميه البعض (أراضي تؤخذ من فقرائهم وترد على اغنيائهم).

 

4- أغلب الدول التى نجحت فى تحقيق الإكتفاء من الحبوب أو أحرزت نتائج مهمة اعتمدت فى الإنتاج على صغار المزارعين (انظر نسب سكان الارياف فى الهند وبنغلادش والصين ...)، وتجربة السنغال فى الاعتماد على صغار المزارعين وما حققته من نتائج مهمة في إنتاج الأرز أقرب دليل.

 

ولعل ذلك ماحدى بالسلطات السعودية أن تشترى على سبيل التشجيع محصول القمح من صغار المزارعين (أقل من 50 هكتار).

 

5- ينبغي للجهات فى القطاعات المعنية أن لا تمضي قدما في إدخال أي أراض جديدة فى منظومة الإنتاج الزراعي إلا على ضوء دراسة واضحة المعالم تأخذ بالحسبان الأبعاد الايجابية، والتأثيرات السلبية.

 

حتى تتشكل رؤية سليمة مبنية على موازنات علمية دقيقة  تراعي  الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والصحية والبيئية...

 

6 - لا يبدو من خلال المؤشرات الأولية أن المنطقة المذكورة مثالية لزراعة القمح لأسباب عدة منها حاجة القمح لكميات كبيرة من الماء وبعد الروافد وتعسر صيانتها وصعوبة توصيل الماء من الروافد وإرتفاع المنطقة والشفافية النسبية للتربة...

 

كل هذه العوامل ستزيد من تكاليف الإنتاج خاصة إذا أخذنا فى الاعتبار كون المناخ لايسمح بمعدل محصول مرتفع (درجات الحرارة المثالية لمحصول جيد من 5 - 25) وبالتالي نحتاج إلى التركيز على تخفيض كلفة الإنتاج حتى نعوض السلبية فى المناخ.

 

ولعل الزراعات  التى لا تحتاج إلى كميات كبيرة من الماء، ويمكن استخدام مياه الآبار فى ريها تكون انسب للمنطقة، خاصة أن مثل هذه الزراعات يوفر وظائف أكثر للساكنة المحلية وتوجد فى الجوار اقطاب للإنتاج بهذا النموذج.

 

7 - ما لمسناه من إرادةجادة من فخامة رئيس الجمهورية لإصلاح هذا القطاع وفق رؤية استراتيجية  راشدة لا يحكمها الإرتجال يبعث الأمل بأن قواعد جديدة سيتم ارساؤها للتعامل مع قطاع حيوي يأتي  فى قمة الأولويات لكل أمة تحترم نفسها وتصون كرامتها وتحفظ سيادتها.

 

28 September 2023