تفاصيل لأبرز ما قاله الرئيس السابق في إجاباته أمام المحكمة

خصصت المحكمة المختصة في جرائم الفساد جلستها المسائية - من اليوم السادس عشر لها ضمن الأيام التي عرفت انعقاد المحكمة - لاستئناف مساءلة الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز حول التهم الموجهة إليه، وخصوصا التهمة الأولى والمتعلقة بتبديد ممتلكات الدولة العقارية والنقدية.

 

واستدعى رئيس المحكمة القاضي عمار ولد محمد الأمين الرئيس السابق للمثول أمامه، وذلك عند الساعة الرابعة مساء إلا دقائق، وأخبره أنه سيواصل مساءلته حول التهم الموجهة إليه.

 

وأردف القاضي مخاطبا الرئيس السابق أنهم استمعوا صباحا للشاهد رجل الأعمال سليمان ولد داداه، والذي كان يمثل الشركة الهندية "كال باتيري" وما تحدث عنه من تعرضه للتهديد، وكذا ما ذكره من دور لمقربين منكم في صفقة الشركة الهندية حول مشروع الربط الكهربائي بالجهد العالي بين مدينتي نواكشوط ونواذيبو، وسأله ماذا لديكم عن هذا الموضوع؟

 

الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز:

بسم الله الرحمن الرحيم

أولا: لدي ملف، أريد تقديمه حول الحوانيت الثلاثة من سوق العاصمة الجديد، والتي قيل هنا إنها بيعت بطريقة غير شفافة أو أن مقابلها المالي لم يستلم.

 

هذا ملف متكامل حول الموضوع، وفيه تفاصيل الدفع وتواريخه، والمشاركة في المزاد العلني.

 

وقد أمر رئيس المحكمة كاتبه باستلام الملف، وأكد أن المتهم لديه وثائق يقدمها أمام المحكمة تتعلق بسؤال حول ما إذا كان قد تم دفع المبلغ المقابل للدكاكين الموجودة في سوق العاصمة الجديد، والتي استفاد منها بعض أفراد عائلته.

 

وأردف ولد عبد العزيز: "مع أني لست معنيا بالأمر، ولكن فضلت تقديمها لإنارة المحكمة وإنارة الرأي العام".

 

وواصل عزيز الحديث: "أؤكد تمسكي للمرة الرابعة بالمادة: 93 من الدستور، لأن المحكمة لم تبت حتى الآن في اختصاصها، ولأني كرئيس سابق لا تمكن محاكمتي إلا أمام محكمة العدل السامية، وبتهمة وحيدة هي الخيانة العظمى".

 

وردا على السؤال المتعلق بالشركة الهندية، قال ولد عبد العزيز:

هذه الشركة، في مرحلتها الأولى كانت تجمعا سعوديا، وفي حدود 2013 فاز بصفقة ممولة بـ145 مليون دولار مقدمة من الصندوق السعودي، وقد فاز هذا التجمع بالصفقة لسببين؛ أولهما اشتراط الممول السعودي وجود شركة السعودية، والسبب الثاني أن يساهم هذا الدعم في دعم صادرات بلده.

 

وفي العام 2016 عجزت الشركة عن مجرد البدء بالأشغال في المشروع الذي فازت به، وتدخل فيها الكثير من السماسرة، هم في الحقيقة ليسوا رجال أعمال، ولا مختصين في الطاقة أو أي شيء له علاقة بالموضوع، وإنما مجرد سماسرة.

 

كما تدخل فيها نائب في البرلمان، وعضو في مجلس الشيوخ، ومدير بنك، وبعض رجال الأعمال، وأبلغوا الشركة السعودية أن بإمكانهم توفير شريك آخر غير الشركة الهندية، وبمبلغ تستفيد هي منه، ويستفيد منه الشركاء.

 

بعد الكثير من الضغوط على التجمع، وبعد فترة قدمنا خلالها إنذارين للتجمع، قررت الدولة فسخ العقد، فيما اتخذت السعودية قرارا بوقف التمويل.

 

وقد مارسنا حقنا في سحب الضمان الذي وضعه التجمع، وكان بقية 14.5 مليون دولار، أي نسبة 10% من التمويل.

 

كان هذا المبلغ لدى فرع بنك قطر الوطني في نواكشوط، وكان بعضه بالعملة الصعبة، وبعضه بالأوقية، وقد سحبنا المبلغ الموجود بالأوقية وهو نحو 200 مليون أوقية، فيما رفض مدير البنك تسليم المبلغ الموجود بالعملة الصعبة، نظرا لظروف ومشاكل كانت بيننا وتلك الدولة.

 

كما تدخلت السفارة الهندية في مالي في هذه القضية عدة مرات، وذلك بسبب معاناة الشركة بعد سحبنا للضمان، وتوقيف السعودية للتمويل.

 

في هذه الأثناء اتصل بي الهنود من خلال مدير المراسيم [الحسن ولد أحمد]، وقد تولى الترجمة بيني واثنين منهم زاراني في المكتب، وأبلغاني خلال الاجتماع استعدادهم لتولي التمويل، ووافقت على العرض، ولكن قلت لهم إن هذا المشروع كان فيه الكثير من رجال الأعمال ومن السماسرة وسنخرجهم جميعا، وهذا يقتضي أن يتم تخفيض السعر.

 

أرسلتهم لوزير البترول والطاقة والمعادن [محمد ولد عبد الفتاح]، وأمضوا شهرا في المفاوضات كان الوزير خلالها يخبرني تارة أنهم قبلوا التخفيض بخمسة ملايين دولار، وأحيانا 10 ملايين دولار، حتى وصلوا إلى سعر 110 مليون دولار بدل 145 مليون دولار، وهنا وافقت على الأمر.

 

وقد قال لي الوزير بعد مغادرتهم إثر الاتفاق، إنه لا يتوقع عودتهم إلينا. كان هذا هو كلام الوزير وتوقعه. وبعد 45 يوما وصلتنا رسالة من "اكزيم بنك" الهندي (بنك دعم الصادرات الهندية) عبروا فيها عن استعدادهم لتمويل المشروع.

 

هناك فرق بين ملف مر بجميع لجان الصفقات، ودخل فيها العديد السماسرة، وبين آخر تم بشكل مباشر، ونجحنا في تقليص المبلغ بما يقارب الربع أي نسبة 24.5%.

 

بدأ المشروع، وانتهى، والآن الكهرباء تمر جيئة وذهابا بين العاصمتين نواكشوط ونواذيبو.

 

وقد عادت السعودية – وهي دولة صديقة وشقيقة – إلينا بعد أن أدركت أن انسحابها كان خطأ، وعرضت تمويلا آخر، وعرضنا عليها تمويل مشروع الربط الكهربائي بالجهد العالي بين نواكشوط والزويرات ووافقوا عليه، وقد شاركت نفس الشركة الهندية في المناقصة وحلت ثانية. ولو كانت لي علاقة بها لكان من السهل علي أن أتدخل لصالحها في هذه الصفقة.

 

كما تم بعد ذلك إنجاز مشروع ربط بطول 21 كلم بين محطتين في نواكشوط إحداهما شمال نواكشوط، والثانية في عرفات، وفازت به هذه الشركة الهندية، ونفذته.

 

كما فازت بصفقة أخرى في العام 2020 – 2021 بعد مغادرتي للسلطة. هذا – في الحقيقة - ليس تبديد أموال، لكن دائما المشاريع والصفقات التي تتم عبر مناقصة يتدخل فيها العديد من السماسرة ورجال الأعمال ويكون لكل واحد منهم جزءا مخصوصا من التمويل، وهو ما يؤدي لارتفاع تكاليفها، ومن أمثلة ذلك ما ذكره لكم سابقا سلمان ولد إبراهيم، وخصوصا في صفقتي سيارات الحماية المدنية، والتي كانت ستمنح بقيمة مليار أوقية، ونجحنا في تخفيضها إلى النصف، وكذا صفقة ملابس الجيش التي ذكرتها سابقا.

 

 

رئيس المحكمة: وصلنا الآن إلى التهمة الثانية الموجهة إليكم، وهي: "تبديد موارد الدولة النقدية".

 

الإداري المدير العام لشركة "سنيم" قال إنه تلقى أوامر منكم بشراء كمية من الأعلاف لصالح خيرية سنيم، وحسب وثائق الملف فإنها قد أدت لخسارة الدولة 600 مليون أوقية قديمة.

 

عزيز: هذا المدير لا يفهم شيئا. وسأعطيك تفاصيل هذا الملف.

مفوضية الأمن الغذائية أعطت مواصفات فنية في العام 2008 لكميات من القمح تحتاجها، وبعد وصول هذه الكميات إلى نواكشوط، غيرت هي بموجب وثيقة أخرى المواصفات، ورفضت استلام الكميات التي وصلت.

 

بعد ذلك بثلاث سنوات، احتجنا حاجة ماسة للأعلاف بسبب الجفاف، وجاءني الوزير الأول حينها مولاي ولد محمد الأغظف، وشرعنا في تسوية تلك المشكلة. وهذا هو سبب قولي إن مدير "سنيم" لم يكن على اطلاع بالموضوع. هذا قرار من مجلس إدارة شركة سنيم بشراء هذه الكمية لمساعدة الدولة في مواجهة الجفاف، وباقتراح من الوزير الأول، ولا أذكر أني تحدثت مع مدير سنيم في الموضوع.

 

رئيس المحكمة: في وثائق الملف، وكذا تصريحات المدير العام السابق لـ"سنيم" أنكم أمرتم بدفع 15 مليار أوقية لشركة النجاح في صفقة المطار الجديد – أم التونسي؟

 

عزيز: ملف المطار يجب أن يكون قد طوي على مستوى المحكمة العليا لأنها برأت المعني به.

 

ما أريد قوله، هو أن هذا المشروع مهم جدا، والشركة التي كنت تنفذه أفلست، وطلبت اللجنة الوزارية التي كانت تتابع المشروع أن تقرض الدولة للشركة ما تحتاجه من المال لإكمال المشروع، أو تشتري منها الأراضي، وقد رفضت هذين العرضين.

 

البنوك لم تكن تستطيع أن تقرض شركة النجاح، لأن الشركة كانت عليها مديونية كبيرة، ولأن المبلغ المطلوب يتجاوز رأس مال العديد بنوك، حيث لا يتجاوز رأس مال بعضها 7 مليارات أوقية قديمة وهي تحتاج 15 مليار أوقية.

 

في هذا الأثناء اقترح علي محافظ البنك المركزي مساعدة الشركة بالمبلغ حتى يكتمل المشروع، مذكرا بحساسية مشروع المطار، وأهميته، وأن يكون الضمان مقابل المبلغ من الأراضي. وقد اكتمل المشروع حتى قبل مطار دولة جارة بدأت أشغال مطارها قبلنا، ودخل مطارنا الخدمة قبل اكتمال مطارها.

 

الشركة التي كانت تنفذ المشروع لم تدرس الظروف، ووجدنا أنفسنا في وضعية صعبة.

 

رئيس المحكمة: حسب وثائق الملف، وحسب تصريحات المدير العام السابق لـ"سنيم" فإن مبلغ 15 مليار أوقية ضمنته وزارة المالية بأمر منكم؟

عزيز: هذا لا علم لي به. فعلا ربما أكون قد تكلمت مع مدير "سنيم" لكن لا أذكر الآن تفاصيل ما دار بيننا.

 

رئيس المحكمة: في وثائق الملف، أن الشركة تعهدت بتنفيذ ثلاثة مشاريع هي ساحة الحرية، والمسجد الجماع الكبير، وعمارة في المطار القديم مقابل سداد المبلغ من طرف وزارة المالية لشركة "سنيم"؟

عزيز: هذا المشاريع لا علاقة لها بالمبلغ.

 

رئيس المحكمة: الوثائق التي بين يدي تثبت علاقتهم بالمبلغ

 

وقد أحدث هذا الموضوع ضجة في القاعة، حيث طلب محامو رجل الأعمال محي الدين ولد أحمد سالك المشهور بالصحراوي، منحهم فرصة لتوضيح ملابسات الموضوع، وقال المحامي إبراهيم ولد ادي إن موكلهم لم يعد متهما حتى يدافع عن نفسه، وإن الإعلام الحاضر سينقل كل التفاصيل، وهو ما يتطلب منحهم فرصة لتوضيح الموضوع.

 

وقد رفض رئيس المحكمة منحهم الكلام، مذكرا المحامين بأنه لا يحق لهم الكلام خلال الاستجواب، وحين يصل دورهم سيمنحهم فرصتهم كاملة، وعاد بعد هدوء القاعة لمواصلة طرح الأسئلة على الرئيس السابق.

 

رئيس المحكمة: الوزير السابق تيام جمبار قال إنكم أعطيتموه أمرا مستعجلا بتسريع إجراءات إنشاء شركة "الموريتانية للتعاون والتنمية" (مصنع تركيب الطائرات)، وقد استفادت هذه الشركة من مبلغ 200 مليون أوقية وقطعة أرضية في المطار الجديد؟

 

عزيز: هذه الشركة أنشئت على مستوى وزارة المالية. وقد جاءني سفيرنا في واشنطن وذكر لي شركة للطيران الخفيف، وكان نطمح للاستفادة من خبرة الأمريكيين وتجربتهم في هذا المجال، وقد أرسلتهم إلى وزير المالية السابق، وكان عليه أن يفهم أن القطع الأرضية تمنح في مجلس الوزراء باقتراح من وزير المالية، ويعرف أنني وبخته بسبب المبلغ، وخاصة إيداعه في بنك مفلس.

 

كما يعرف أنني كنت قد أمرت مدير الجمارك ومدير الخزينة بعدم إيداع أي مبلغ مالي في هذا البنك لأنه مفلس. هذا البنك لديه الكثير من الأموال في وضعية تصفية. وبإمكان الدولة استعادة أموالها من هذا الأموال. وقد بلغني قبل أيام أن مدير البنك أتى بتنازل من الشركة الأمريكية عن القطعة الأرضية، وإنها أخذت مسار التصفية مع بقية ممتلكات البنك.

 

ومن قارن بين تاريخ هذه القضية وتاريخ إقالة وزير المالية السابق من منصبه سيفهم الموضوع [في إشارة إلى العلاقة بين القضية وإقالته].

 

ولن يجلس أمامك أي وزير هنا إلا قال لك إنه مورست عليه ضغوط. أما أنا فأنفي أن كون قد تعرضت لأي ضغوط.

 

رئيس المحكمة: وثائق الملف تتحدث عن أنكم منحتم قطعة أرضية في مقاطعة تفرغ زينة تبلغ 32 ألف متر مربع على أساس أنها مخصصة لشركة للأسمنت. هذه الشركة لا وجود لملفها لدى الإدارة المسؤولة عن الشركات، ماذا لديكم عن هذه الشركة؟

عزيز: أعرفها بالضبط، وليست تبديدا للأموال. هذه ليست أول قطعة أرضية يتم منحها في مجلس الوزراء، ومساحتها معروفة، وهدفها معروف، وكتب لها في قرار المنح أنها إذا لم تستثمر فيها خلال 24 شهرا تتم استعادتها منها.

 

هل تسأل عنها لمجرد أنها تعود لمحمد فال ولد اللهاه؟ [الملقب افيل].

 

لقد رفضتها خمس مرات أو ست، والوزير قريب المعني [ذكرت قبيلتهما بالاسم] الوزير محمد ولد كمب قريب مالك الشركة، ويعرف ما جرى بالضبط، وإذا كان هناك تزوير، أو وقع بعد ذلك فهو المسؤول عنه.

 

إذا كان أعضاء الحكومة حينها بلا ذاكرة، ولا يتذكرون هذه التفاصيل، فإن ستة منهم على الأقل سيتذكرون أنني رفضت هذا المنح عدة مرات، ويمكن أن يسألوا عن ذلك.

 

لا علاقة لي بالموضوع، ولا مسؤولية لي فيه.

 

وقد تحدث في ختام الجلسة المحامي إبراهيم ولد ادي، حيث أوضح أن القرض الذي تم لشركة النجاح بمبلغ 15 مليار أوقية تم باتفاق بين الدولة الموريتانية وشركة النجاح، وبضمان من وزارة المالية، وأن ساحة الحرية والجامع الكبير، وعمارة في المطار، كانت ستبنيهم الشركة مقابل هذا المبلغ، وقد أقيمت ساحة الحرية فعلا، واستلمت سنيم المبلغ المخصص لها من وزارة المالية، ورغم ذلك لم ترفع الحجز عن مقابلها من الأراضي.

 

كما أوضح ولد ادي أن الشركة كانت ستباشر الأشغال في الجامع الكبير، لكن الدولة غيرت مكانه، وحولته المنطقة التي كانت مخصصة له إلى مستشفى الملك سلمان.

 

وشدد ولد ادي على أن الملف تمت تسويته وفق اتفاق مكتوب بين الدولة الموريتانية وشركة النجاح، وتمت جدولة الديون، وانتهى الملف.

 

وفي ختام الجلسة أعلن رئيس المحكمة رفعها على أن تستأنف الثلاثاء.

الأخبار

 

 

9 May 2023