رسالة إلى فخامة رئيس الجمهورية عن التشاور
أعلن عن تعليق التشاور بعد قرابة سنتين من التهيئة والتحضير بين الفرقاء السياسيين. تشاور كان من المفترض أن يتناول أهم مشاكل البلد، ويؤسس لمرحلة من التعاطي الإيجابي والمنفتح، ويمكن من تقوية الجبهة الداخلية في مرحلة مهمة وحساسة تطبعها حالة إقليمية غير مستقرة وتغيرات واستقطابات دولية تنذر بمآلات خطيرة إقليمية ودولية.
إن النقاشات التي شهدتها الأسابيع الأخيرة المرتبطة بحضور بعض الشخصيات في الحوار كانت مهمة وضرورية، وقد أبانت عن مستوى تفكير وتقدير نخبنا للتحديات وما تمثله انتظارات الساكنة من أهمية في سلم أولويات هؤلاء القادة، وعلى الرغم من أهمية حضور تلك الشخصيات وما تمثله في سياق ما دُئِبَ على تسميته بتشاور لا يستثني أحدا إلا أن غيابها لم يكن سوى القطرة التي أفاضت كأس التشاور.
في الحقيقة، لا يمكن تحميل المعارضة ما وصل إليه التشاور بل إن عدم نجاحه - حتى لا أقول فشله - مرتبط إلى حد كبير بحضور الأغلبية وإشراكها وقوة تأثيرها في مسار الأحداث في البلد. وهو أمر يتحمل مسؤوليته بشكل كبير السيد رئيس الجمهورية.
السيد الرئيس،
إن عليكم أن تفهموا جيدا أن الظرف الحالي يفرض معالجة الاختلالات الكبيرة التي تنخر في جسم أغلبيتكم والتي أحالت للأسف الشديد هذه القوى السياسية المهمة إلى ما يشبه التقاعد والتركيز على بنائها وفق أسس سليمة.
وفي هذا السياق ينبغي القيام بما يلي:
- التوجه أولا إلى تشاور داخل بيت الأغلبية يصحح العلاقات ومن المهم صياغة تعريف جديد لهذا الكيان وتحديد أهدافه ومهامه وشروط مشاركته.
إن هناك استحقاقات عاجلة ومهمة تنتظر الجميع تتعلق بالقانون الانتخابي، وبنية اللجنة المستقلة للانتخابات، وتوسيع مجال النسبية، والتقطيع الانتخابي، وهي كلها أمور حاسمة في العملية الانتخابية وتستدعي نقاشا جادا وبناء توافق حولها، وهو ما لم يتحقق لحد الساعة، ولا يمكن أن يتحقق إلا في سياق نمط جديد من التعاون والتعاطي يختلف كليا عن السابق.
- العمل على الإعداد الجيد للاستحقاقات القادمة، سواء كان هناك تشاور مرتقب أو على مستوى التحضير للانتخابات البرلمانية والرئاسية التي باتت على الأبواب. فتجربة التحضير للتشاور أبانت أن الأغلبية لم تأت إلى التشاور كيانا متماسكا منسجما كما كان ينبغي يحمل رؤية موحدة ويتقاسم نفس الاهتمامات بل إنها لم تتمكن من صياغة ورقة مشتركة تقدم رؤيتها وهو ما يؤكد أن الأجندة والرؤى غير واضحة، وأن التوافق والانسجام بين مكوناتها لم يصل بعد إلى مرحلة النضج (الأغلبية).
السبد الرئيس،
إن مسار التشاور (المعلق) كان استكمالا لثلاث سنين من تغييب أي دور للأغلبية الداعمة لكم في الشراكة الفعلية في صنع القرار، بل إن قادة الأحزاب كانوا يتلقون المعلومات من المواقع الإخبارية وعبر صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. ولم تضف الدعوة إلى التشاور أي جديد لتلك السياسة، بل ظل النظر إلى هذه الأغلبية يتسم بقدر يسير من الثقة وكثير من الحذر وعدم الاطمئنان.
السيد الرئيس،
إن كل النظم الديمقراطية، وأدبيات التعاطي السياسي المعاصر المعمول بها تفرض المشاركة الفعلية لأي تحالف يفوز في انتخابات رئاسية أو برلمانية كنتيجة سياسية طبيعية. فكيف يعقل أن ترشحكم أحزاب سياسية تملك حضورا برلمانيا وتمثيلا محليا للانتخابات الرئاسية وتفوزون بها وتدعم برنامجكم وسياسة حكوماتكم إعلاميا وسياسيا، ثم تمنع من المشاركة الفعلية في الجهاز التنفيذي الذي هو أساس الشراكة وعنوانها.
السيد الرئيس
أعتقد أن الخطوة الأساسية التي ينبغي عليكم القيام بها تكمن في انفتاحكم على أغلبيتكم وضم قيادات مهمة ووازنة منها تتمتع بالقدرة والكفاءة إلى الجهاز التنفيذي، فذلك سيكون بمثابة رسالة مهمة وضرورية لبناء الثقة واستعادة روح الانسجام بين مكونات أغلبيتكم.
اباب ولد بنيوك - نائب برلماني